ثم إن الأقوال في ثبوت الخيار ونفيه للموكل ثلاثة:
أحدها: الثبوت مطلقا.
ثانيها: النفي مطلقا.
ثالثها: - وهو مختار المصنف (قدس سره) - التفصيل بين ما إذا حضر مجلس البيع فله الخيار، وإلا فلا.
وتحقيق المقام يتوقف على تمهيد مقدمة: هي أن موضوع حق خيار المجلس متقوم بأمرين، أحدهما كونه بيعا، والآخر كون البائع والمشتري مجتمعين، نظرا إلى أن غاية هذا الخيار هو الافتراق، فهو كاشف عن أن المغيى متقوم بوصف الاجتماع، وإلا فيستحيل حدوث افتراق شخصين لا اجتماع لهما.
وليس المراد من الاجتماع مجرد الاجتماع على الرأي وتوافقهما، فإن زواله إما بزوال التوافق أو حصول المتوافق عليه، دون الافتراق بدنا، فيراد منه اجتماعهما بدنا، وليس المراد اجتماعهما بدنا من دون مساس بالمعاملة، وإلا لكان الخيار ثابتا لهما باجتماع بدنيهما في غير مجلس العقد، وليس المراد اجتماعهما بدنا في مجلس العقد ولو لم يكن اجتماع منهما على المعاملة، بل كان كحضور الأجنبي عن المعاملة، إذ ليس لمجلس البيع عنوان، بل المراد اجتماعهما البدني، ولو تحركا معا عن مجلس العقد فإن افتراقهما عن المجلس صادق، مع أن الخيار باق، فالاجتماع المقوم لموضوع الخيار اجتماع البيعين - بما هما بيعان - على المعاملة بدنا بحيث تنشأ عن اجتماعهما، فمجرد صدق البيع من دون اجتماع أصلا غير مجد، كما أن مجرد الاجتماع في مجلس البيع من دون انبعاث المعاملة عنه - بحيث لا يكون الاجتماع على المعاملة - غير نافع.
وعليه فلا شبهة في ثبوت الخيار للموكلين إذا حضرا مجلس البيع في صورة التوكيل في إجراء الصيغة فقط، فإن الوكيلين بعد فرض أنهما لم يستقلا بأمر المعاملة فاجتماعهما ليس على المعاملة، بل زمام أمرها بيد الموكلين، فهما المجتمعان على انجازها.