ومنها: أن اتلاف كل من الغابن والمغبون لما في يد الآخر على حد اتلاف الأجنبي من حيث دخول العين في عهدته أو اشتغال ذمته بالقيمة، فإذا فسخ وكانت العين في عهدته كانت العين راجعة إليه بنفسها، وأثر رجوعها سقوط العهدة، وإذا كانت قيمتها في ذمته لم يكن مقتضى الفسخ رجوع قيمتها إليه ليكون أثرها فراغ ذمته، بل مقتضى الفسخ استحقاق مالية العين التالفة فعلا، فربما لكون مالية العين فعلا أزيد من قيمتها حال اشتغال ذمته بها فيتهاتران في مقدار المساواة ويرجع بالزائد.
ومنها: أن المغبون مثلا إذا أبرأ الغابن عما أتلفه عليه وبالعكس فله الرجوع عليه ببدل التالف بالفسخ، لا لما أفاده (قدس سره) من أن الابراء بمنزلة القبض، إذ لا دليل على هذا التنزيل، مع أن اعتبار الابراء اعتبار العفو والتجاوز، لا اعتبار القبض والأخذ، بل لأن الاتلاف إن كان موجبا للعهدة فاعتبار الابراء اسقاط للعهدة فلا شئ كي يرجع إلى صاحب التالف بالفسخ، وإن كان موجبا لاشتغال الذمة فبعد الابراء وفراغ الذمة لا شئ حتى يتهاتر بمقابله ما يستحقه من المالية بالفسخ، وهو واضح.
- قوله (قدس سره): (ولذا صرح في الشرائع بجواز المصالحة... الخ) (1).
كما في الثوب الذي هو قيمي فإنه مع تلفه إذا كان قيمته درهمين فإنه لا يصح الصلح على درهمين بدرهم، فصحة الصلح على التالف بأقل من قيمته كاشفة عن أن المصالح عليه هو الثابت في العهدة لا قيمته الثابتة في الذمة، وإلا لم يصح الصلح للزوم الربا، وكونه صلحا اسقاطيا لا ناقلا كما قيل لا يمنع من الاستدلال بما عن الفاضلين (قدس سرهما)، إذ لو كان التالف بعينه في العهدة كانت نتيجة الصلح سقوط العهدة لا انتقال العين إليه، والكلام في أصل المسألة نقضا وإبراما موكول إلى محله.
جريان خيار الغبن في سائر المعاوضات - قوله (قدس سره): (نعم حكي عن المهذب البارع (2) عدم جريانه في الصلح... الخ) (3).