المسقط الثالث: تلف العين - قوله (قدس سره): (الثالث تلف العين أو صيرورتها كالتالف... الخ) (1).
وعن بعض الأجلة (رحمه الله) أن المصنف (قدس سره) تفرد بجعل التلف بعنوانه مسقطا، وأن الأصحاب لم يتعرضوا له، ولعله بلحاظ أغلب الكلمات كذلك.
والتحقيق: أن التلف وما بحكمه ليس مسقطا شرعيا، بل بجميع أنحائه من مقتضيات عنوان الرد عقلا، فنقول: هذا الخيار يختص من بين سائر الخيارات بتعلق الحق بالرد لا بحل العقد كما يشهد له عناوين الأدلة في هذا الباب، حيث إنها مشتملة على جواز الرد تارة وعدمه أخرى، ولم تشتمل على عنوان الخيار كأدلة خيار المجلس وخيار الحيوان وخيار الرؤية وأشباهها، ولو فرض أن الحق الثابت هنا حق فسخ العقد إلا أنه مقيد بحسب أخبار الباب بفسخ العقد برد العين، وعليه فتارة تكون العين تالفة عقلا كالتلف الحقيقي، وأخرى تالفة شرعا كالانعتاق، لامتناع عود الحر رقا شرعا، وثالثة منتقلة إلى الغير بمعاملة لازمة أو جائزة، ورابعة تحت سلطان الغير كالعين المرهونة أو المستأجرة.
أما الأول فوجود العين موضوع للرد فيستحيل الرد، ولقد أجاد العلامة (قدس سره) حيث قال في التذكرة في مباحث أحكام الخيار: (أما إذا ظهر المشتري على عيب في العبد بعد موته فلا رد، إذ لا مردود، وكذا لو قتل أو تلف الثوب... الخ) (2).
وأما الثاني فذات الموضوع وإن كانت موجودة إلا أن رد العين حيث إنه بعنوان رد الربط الملكي، ومع زوال الملك لا ربط ملكي حتى يرد إلى البائع، فلا يعقل نفس الرد حتى يجعل له حق الرد.
وأما الثالث فالربط الملكي وإن كان موجودا إلا أنه لغير المشتري، فلا رد له حيث لا ربط له، وقد عرفت حال النقل اللازم والجائز.
وأما الرابع فذات العين وإن كانت موجودة والربط الملكي قائم بالمشتري إلا أن العين تحت سلطان المستأجر أو المرتهن، فلا يعقل السلطنة على رد العين خارجا