تارة بعدم الطرف رأسا، وأخرى بعدم إثنينية الطرف، فالأول بنحو السالبة بانتفاء المحمول عن الموضوع، والثاني بنحو السالبة بانتفاء ذات الموضوع، والثالث بنحو السالبة بانتفاء ما يكون الموضوع قابلا به للموضوعية للوصفين المتقابلين.
ومنها: أن الافتراق عبارة عن عدم الاجتماع الذي هو عنوان وجودي، ونسبة هذا العدم إلى ذلك الوجود نسبة العدم إلى الملكة، ولذا يصح سلبهما معا عن بعض الموارد، كالواحد فإنه لا مجتمع ولا مفترق، ولو كانا من باب السلب والايجاب لما أمكن ارتفاعهما عن شئ من الأشياء، فحال الافتراق بالنسبة إلى الاجتماع كحال العمى بالإضافة إلى البصر.
وأما عدم الافتراق بالنسبة إلى الافتراق فهو من قبيل السلب بالإضافة إلى الايجاب كاللاعمى بالنسبة إلى العمى، ولذا لا يعقل ارتفاعهما معا، والغاية للخيار بحسب لسان الأخبار هو الافتراق وعدمه لا الافتراق والاجتماع، وما يجري فيه احتمال السلب والايجاب والعدم والملكة هو الثاني دون الأول، فإنه لا مجال فيه إلا للأول.
فما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) (1)، من أن الافتراق إن كان مقابلا لعدمه بتقابل الايجاب والسلب أمكن ثبوت الخيار للواحد ذي عنوانين، بخلاف ما إذا كان مقابلا له بتقابل العدم والملكة فإنه لا مجال فيه للخيار، ثم استظهر (قدس سره) أنه من قبيل الثاني، فقد عرفت ما فيه، ومنه يظهر ما في كلام صاحب الجواهر (رحمه الله) (2) أيضا.
ومنها: أن الغاية - سواء كان الافتراق كما في قوله (عليه السلام) (حتى يفترقا) (3) أو عدم الافتراق كما في قوله (عليه السلام) (ما لم يفترقا) (4) - لا مجال معها لثبوت الخيار في المقام.
أما الأول: فلما مر (5) من أن الافتراق معنى متقوم باثنين، وعنوان المفترق عنه لا يجتمعان في واحد، والقضية الايجابية تستدعي وجود الموضوع، وليست كالسالبة