وأما الثاني: فصيرورة العقد لازما بأعمال الخيار بأخذ الأرش لا ربط له باستقرار المعاوضة على ما فيه زيادة في أحد المتجانسين، وإنما يتوهم ذلك فيما إذا كان حصول الملكية متوقفا على أمر، فإن استقرار الملكية حينئذ على ما فيه الزيادة وإن لم يكن في بدو انعقاد العقد زيادة، كما إذا ظهر العيب في بيع الصرف قبل القبض مثلا، وما نحن فيه ليس كذلك، فإن اللزوم الخارج عن مقام المعاوضة بسقوط حق الخيار بأخذ الأرش لا يوجب استقرار المعاوضة على الزيادة.
وأما الثالث: فإن جعل الأرش من الشارع ليس بعنوان التصرف في المعاوضة ليكون تتميما للناقص، بل غرامة محضة، وإن كانت الحكمة فيها تدارك وصف الصحة.
وأما الرابع: فسيجئ (1) إن شاء الله تعالى أن الأرش ليس بمعنى استحقاق رد بعض الثمن، ليكون تنقيصا موجبا لتعادل الثمن والمثمن، بل استحقاق ما يساوي بعض الثمن، بل لو فرض حكم الشرع برد بعض الثمن لما كان بعنوان حل المعاوضة لتستقر في الربويين على المتفاضلين من حيث المقدار، بل استحقاق جديد لتملك بعض الثمن، فهو مؤكد لاستقرار المعاوضة على المتماثلين من حيث المقدار.
وأما الخامس: فإن الالتزام بالصحة كالالتزام بسائر الأوصاف الموجب تخلفها للخيار لا للأرش والتدارك، وإنما ثبت الأرش بحكم الشرع لا من ناحية التزام البائع بالتدارك، ولو فرض الالتزام بالتدارك كان من شرط الزيادة فيبطل العقد بنفس الشرط لا بالتدارك، مع أن المفروض صحة العقد.
فتبين من جميع ما ذكرنا عدم لزوم الربا سواء أخذ الأرش من جنس الربويين أو من غير جنسهما، فتدبر جيدا.
الثاني: إذا لم يوجب العيب نقصا في القيمة - قوله (قدس سره): (ما لو لم يوجب نقصا في القيمة... الخ) (2).
الكلام في الخصاء تارة من حيث إنه عيب أم لا، وأخرى بعد الفراغ عن كونه عيبا