جعل الحق غالبا للوثوق بنظر المجعول له الخيار - من حيث معرفته بما ينبغي حلا وإجازة - فالاطلاق وارد مورد الغالب من حيث اعتبار ما يراه صلاحا، لا مجرد جعل الحق وإن فعل ما فعل، ومنه تعرف أن حديث الأمانة ليس من ناحية التوكيل ليقال بأنه تحكيم لا توكيل، بل تأمين بتفويض أمر العقد إليه بنحو أقوى بجعل حق الخيار، فيمتاز عن سائر الحقوق التي يستقل بها ذو الحق.
- قوله (قدس سره): (ثم إنه ربما يتخيل أن اشتراط الخيار... الخ) (1).
يمكن تقريب المنع: بأن الخيار بناء على تعلقه بالعقد إنما يناسب من له عقد ومن شأنه الوفاء به، والأجنبي أجنبي عن العقد وعن الوفاء به، ولذا قلنا سابقا (2) إن دليل الخيار مخصص لدليل الوفاء بالعقد، وأنه لا يتوجه إلا إلى من له العقد ويجب عليه الوفاء كالمالك العاقد أو الوكيل المستقل في العقد، فدليل الوفاء بالشرط لا قصور له من حيث شموله لكل شرط، بل القصور في ناحية الخيار، حيث إنه لا معنى له إلا بالإضافة إلى من له عقد ومن شأنه الوفاء به، فجعل الخيار لغيره بالاستقلال ممنوع، دون اعطاء السلطنة على أعمال خيار من له الخيار.
بل يمكن تقريب المنع بناء على كونه حقا متعلقا بالعين، فإنه عند المصنف (قدس سره) عبارة عن السلطنة على استرداد العين، وهي عنده (قدس سره) متفرعة على السلطنة على الرد، ولذا منع (قدس سره) من ثبوته لغير المالك والوكيل المطلق، ومن الواضح أن الأجنبي حيث إنه أجنبي عن المال ولا سلطنة له على رده فلا معنى للخيار الذي هو مجرد السلطنة على الاسترداد، وقد قدمنا بعض الكلام في ثبوت الخيار للوكيل في أمر العقد فقط، ولا تندفع الشبهة من كلا الوجهين إلا بما حققناه هناك فراجع (3).
شرط خيار المآمرة - قوله (قدس سره): (يجوز لهما اشتراط الاستيمار... الخ) (4).