بقيام المبيع بعينه بمقتضى المرسلة، فإن استفيد من المرسلة بقاؤه على حاله إلى حال الرد فلا كلام في سقوط حق الرد لخروجه عما هو عليه على الفرض، وإن استفيد منها قيامه على حاله حال الرد لابقائه على حاله، فحينئذ إن كان له اطلاق من حيث حدوث عيب قبل الرد وعدمه فلا كلام في بقاء الحق، وإن لم يكن له اطلاق فالمتيقن من تقييد اطلاقات دليل الخيار هو العيب الباقي إلى حال الرد.
فإن قلت: لا معنى لاطلاق المرسلة من حيث حدوث عيب وعدمه، فإن الحق واحد لا يعقل بقاؤه مع تخلل العدم، إذ بمجرد وجوب العيب الحادث لا يعقل بقاء الحق، وإلا لزم حق الرد مع عدم قيام المبيع بعينه، ومع ارتفاع الحق لا يعقل حق الرد بعد زوال العيب إلا جديدا، لاستحالة الوحدة مع تخلل العدم، ولا دليل على عود الحق.
قلت: السلطنة على رد القائم بعينه بعد حدوث العيب غير التمكن من الرد فعلا، نظير استحقاق الخيار بالشرط بعد يوم أو أكثر، فإنه بنفس الشرط يستحق الفسخ غدا، فالاستحقاق فعلي وإن كان ظرف أعمال الحق هو الغد، فهو من حين وقوع العقد على المعيب يستحق رده إذا كان قائما بعينه عند رده، وإن كان لا يتمكن من أعماله إلا بعد زوال العيب، فإن موضوع الحق رد القائم بعينه، وأثر فعلية الحق فقط جواز اسقاطه والمصالحة عليه.
ومنه تبين أنه ليس مقتضى الأصل بقاء الحق على سقوطه لهذا الاحتمال الذي ذكرنا، بل مقتضاه بقاء حق الخيار الثابت بمجرد العقد للشك في سقوطه بمجرد حدوث العيب المتعقب بالزوال.
ومنها: أنه إذا رضي البائع برد المعيب بالعيب الحادث مجبورا بالأرش أو مجانا هل للمشتري الرد بحق الخيار أو لا يجوز له الرد إلا بعنوان الإقالة التي يكفي فيها الرضا؟ ولا يخفى أن جواز الرد بأعمال الخيار موقوف على أحد أمرين، إما عدم اطلاق لدليل مانعية العيب الحادث بحيث يعم صورة رضا البائع، أو ثبوت حق الامتناع للبائع فيسقط حقه برضاه فيبقى حق المشتري بلا مزاحم.