وإن أريد وحدة العقد المعنوي - وهو القرار المعاملي المرتبط بقرار آخر - فتعدد العقد مما يقضي به البرهان، إذ كما أن الملكية الحقيقية متعددة مالكا ومملوكا لتشخص الإضافات والاعتبارات بتشخص أطرافها، والتمليك والملكية من قبيل الايجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فمع تعدد الملكية حقيقة يتعدد التمليك حقيقة وهو البيع بالحمل الشائع، كذلك القرار المعاملي فإن البائع له القرار المعاملي، مع كل منهما لا معهما معا، بل يستحيل انفكاك القرار عما عليه القرار لعدم استقلاله بالتحصل، فلا محالة يتعدد بتعدد الملكية.
نعم إذا كانت المعاملة بين البائع ووكيل المشتريين وكان الوكيل مستقلا في أمر العقد لا في مجرد اجراء الصيغة، ليكون منهما بمنزلة اللسان من الإنسان، فلا محالة ليس للبائع قرار إلا معه، ولا للمشريين قرار مع البائع، بل ربما لا يلتفتان إلى القرار ومن منه القرار، وليس الوكيل بمنزلة الواسطة في الثبوت، لعدم قيام القرار حقيقة بالمشتريين، بل بمنزلة الواسطة في العروض، فينسب إليهما القرار بالعرض والمجاز، فالعقد المعنوي اللبي من حيث الموجب والقابل حقيقة واحد، كما أن العقد الانشائي من حيث الايجاب والقبول واحد، إلا أنه لا شبهة أن الخيار هنا ثابت للموكل، وليس كباب خيار المجلس فإن خيار المجلس للمجتمعين على المعاملة، وليس الاجتماع على المعاملة إلا لطرفيها، بخلاف ما نحن فيه فإن الخيار لمن ملك المعيب بالبيع بالمباشرة أو التسبيب، ولذا لا شبهة في أن الموكل له الأخذ بخيار الغبن وخيار العيب مع فرض موت الوكيل، فعدم صدق من له القرار المعاملي على المشتري لا يضر بخياره، فتدبر جيدا.
وأما الثاني: وهو وحدة الخيار، فالمسلم أن الخيار الثابت لمن اشترى معيبا واحد بوحدة طبيعية لطبيعي من اشترى معيبا، وفعليته بفعلية موضوعه، فيتعدد قهرا بتعدد موضوعه بلحاظ مرحلة الفعلية، إذ يصدق على (1) كل منهما أنه اشترى نصفا مشاعا من المعيب، وتلك الوحدة الطبيعية يستحيل أن تقتضي وحدة شخصية من