المبسوط أن التصرف قبل العلم لا يسقط الرد، وهو محمول عنده (قدس سره) على عدم الدلالة على الرضا، فمع هذا كله كيف يدعي (قدس سره) أن مثلهما تصرف يؤذن بالرضا؟! كما أن الاستدلال بالمرسلة مبني على خروج الموهوب بالهبة عن كونه قائما بعينه، بدعوى أنه بخروجه عن ملكه لم يكن قائما بعينه في ملكه، وسيجئ (1) إن شاء الله تعالى أن قيام الشئ بعينه أجنبي عن البقاء في الملك وعدمه، والظاهر أن النقل عن الملك ليس مسقطا من حيث التصرف ولا من حيث منافاته لقيام الشئ بعينه، بل من حيث اقتضاء عنوان الرد الذي لا يراد منه الرد خارجا فقط بأي عنوان كان، ولو بعنوان العارية والأمانة، بل الرد الملكي أي رد الربط الملكي برد العين.
وحينئذ يقع الكلام في أن الرد ممتنع بحسب النقل الجائز كالهبة كالنقل اللازم أو بينهما فرق؟ وهو أن النقل اللازم لمكان لزومه شرعا يمتنع وقوعيا رد الربط الملكي فيه، وإلا لزم الخلف من فرض لزومه شرعا، والممتنع شرعا كالممتنع عقلا، بخلاف النقل الجائز فإنه لا موجب لامتناعه لا عقلا ولا شرعا.
نعم لا فرق بينهما من حيث الامتناع بالغير، وهو امتناع الرد بعدم العلة لمكان النقل المانع بالفعل عن الرد وإن لم يمتنع انقلابه إلى الامكان بوجود علته، وهو عود العين إلى مالكها الأول.
والتحقيق: كما ذكرنا في مبحث خيار الغبن (2) أن الرد مشروط عقلا بنفس الملك لا بامكانه، فله رد الملك ولا ملك، لا أنه له رد ما يمكن كونه ملكا، حتى يقال بأنه في الهبة يمكن رد الملك، وفي البيع لا يمكن رده.
وما في السرائر (3) في مقام رد الشيخ (قدس سره) بأن الهبة تصرف ومعه لا رد كما عن العلامة في المختلف (4) فهو مبني على تخيل كون كلام الشيخ مبنيا على التفصيل في التصرف، وقد عرفت أنه أجنبي عنه، فتدبر جيدا.