ارتفاع الغرر بالتوصيف لا من ناحية ثبوت الخيار حتى يعود الغرر بشرط سقوطه، ثم ذكر ثانيا دعوى الفساد فيما إذا لم يكن هناك اطمئنان بوجود الوصف، نظرا إلى أن الرافع للغرر حينئذ ليس إلا الخيار، وشرط سقوطه يوجب عود الغرر، فأجاب (قدس سره): بأن التوصيف يوجب صدق تعلق البيع بمعلوم غير مجهول إلى آخر ما نقله في الكتاب.
وأما جعل المصنف (قدس سره) هذا الشق الثاني محل الكلام، لأنه مع الاطمئنان يرتفع الغرر به لا بالالتزام بالوصف لينافيه الالتزام بسقوط الخيار، بخلاف صورة عدم الاطمئنان فإن الرافع للغرر منحصر في الالتزام بالوصف فيدخل في محل الكلام من حيث التنافي بين الالتزامين وعدمه.
ثم إنه ربما يورد على عبارة الجواهر بالتهافت في كلماته، إذ مع عدم الاطمئنان كيف يدعي تعلق البيع بمعلوم غير مجهول؟! كما أنه مع قوله (رحمه الله) بارتفاع الغرر بنفس التوصيف كيف يفرض (1) وجود الغرر، ويدعي أنه غير ضائر لمكان الاقدام عليه، مع أن الاقدام أيضا لا يجدي في الترخيص في البيع الغرري؟!.
ولا يخفى أن كل ذلك غفلة عن مسلكه (قدس سره) في باب الغرر المنهي عنه، فإنه (قدس سره) قال في باب شرطية القدرة على التسليم ما نصه (قلت: المنساق من الغرر المنهي عنه الخطر من حيث الجهل بصفات المبيع ومقداره، لا مطلق الخطر الشامل لتسليمه وعدمه، ضرورة حصوله في كل مبيع غائب... إلى آخر كلامه) (2) وعليه فنفس توصيف العين الشخصية يرفع الجهل بصفة المبيع، وإن لم يرفع الجهل بحصوله، والمراد من الاطمئنان وعدمه هو الاطمئنان بالوجود الذي هو غير لازم في رفع الغرر المنهي عنه، والمراد من الاقدام على الغرر خطر الوجود الغير المنهي عنه، ومثل هذا الغرر والخطر يرتفع بملاحظة الخيار، فاشتراط سقوط الخيار الرافع لمثله في مثل الغرض وإن كان يوجب بقاء الخطر إلا أنه باقدامه باشتراط سقوط الخيار، نعم الكلام مع صاحب الجواهر (رحمه الله) إنما هو في المبنى، فافهم ولا تغفل والله العاصم.