الآخر، أما الالتزام بالوصف فمرجعه إلى ارتباط العقد بنفسه أو بمتعلقه بنفس وجود الوصف، لأن شرط الوصف إما قيد للبيع أو قيد للمبيع، وأما الالتزام بسقوط الخيار فمرجعه إلى عدم الاعتداد بوجود الوصف وفقده، لأن الخيار مرتب على فقده، فالتزامه بعدمه معناه أني اشتري العين سواء كانت واجدة لصفة كذا أو فاقدة لها، والاعتداد بوجود الوصف وعدم الاعتداد به متنافيان، فإذا سقط المتنافيان لزم خلو العقد عن التوصيف، فيعود الغرر.
ولا يخفى أن هذا وجه بطلان العقد بتخلف الوصف سواء كان شرط سقوط الخيار أم لا، وهو الذي تقدم منه في وجه البطلان، وقد دفعناه (1) سابقا بأن قيدية الوصف للمبيع غير معقولة، إذ الشخصي لا سعة فيه حتى يتضيق بالقيد، وقيدية الوصف للالتزام البيعي بلا موجب، لأن الكتابة ليست من شؤون البيع حتى يتقيد بها البيع، وإنما هي من شؤون المبيع، فلا ارتباط إلا بين نفس الالتزامين، فلا بد هنا من اثبات التنافي بين نفس الالتزامين.
ثالثها: ما يظهر أيضا من المصنف (قدس سره) في عباراته الآتية، وهو أن مرجع الالتزام بسقوط الخيار المرتب على فقد الوصف الملتزم به إلى الالتزام بالبيع مع عدم الوصف، وهو مع الالتزام البيعي المرتبط بالالتزام بالوصف متنافيان، ففي هذا الوجه لا تصرف في الالتزام بالوصف، بل في الالتزام بسقوط الخيار فقط، وهذا أحسن من الوجه المتقدم وأخف مؤونة منه، ومرجعه إلى الالتزام بالوصف وعدم الالتزام به، كما أن مرجع ما تقدم إلى قيدية نفس الوصف وعدم قيديته.
والجواب: أن التزام المشتري بسقوط الخيار وإن كان مرجعه إلى أن المشتري يشتري المبيع ولو مع فقد الوصف إلا أنه غير أنه يشتريه مع عدم الالتزام بالوصف، والمنافي للالتزام بالوصف هو عدم الالتزام بالوصف لا نفس عدم الوصف، والرافع للغرر هو الالتزام بالوصف لا وجود الوصف، والخيار مرتب على فقد الوصف الواقع موقع الالتزام، والاشتراء مع عدم الوصف غير الاشتراء مع عدم التزام البائع