كل من الاستمرار والاختصاص بذلك المقدار قيدا عقلا للطبيعة سواء لوحظت طبيعة المتعلق أو طبيعة الحكم، إلا أنه رب قيد عقلي لا يراه العرف قيدا، بل يراه مقتضى وجود أصل الطبيعة، فكأنه لا يزيد عليها.
والتحقيق: أن الاستمرار بعنوانه وإن كان قيدا إلا أن الاطلاق لا يقتضيه بهذا العنوان، بل مقتضى جعل الحكم على متعلقه في زمان من دون خصوصية لزمان دون زمان، فلازم هذا الاطلاق اللا بشرط القسمي كون الحكم ثابتا في طبيعي الزمان الوحداني من دون خصوصية لزمان، لوقوعه ظرفا للحكم أو لمتعلقه مثلا، وهو معنى الاستمرار، وأما تقيده بزمان يتمكن فيه فهو حينئذ قيد يجب التنبيه عليه.
وأما ما في كلام غير واحد منهم صاحب (1) الجواهر (قدس سره) من دعوى كون الآية مطلقة لا عامة فهم يريدون من الاطلاق معنى آخر، وبالآخرة يرجع إلى الاهمال لا الاطلاق، ومحصله أن العقود المراد منها العهود كما في الصحيحة (2) الشاملة حينئذ للايقاعات أيضا على أنحاء فمنها ما يكون لازما في جميع الأوقات كالنكاح والطلاق والعتق والابراء والمعاملة المتضمنة لشرط سقوط جميع الخيارات كما قيل، ومنها ما يكون لازما في بعض الأوقات كالبيع الذي يدخله أحد الخيارات أو الهبة اللازمة بالعرض، فإذا أطلق ولم يتقيد بما هو كذلك في جميع الأوقات ولا بما هو كذلك في بعض الأوقات عم اللزوم للكل من دون دلالة على الاستمرار، ولا يمنع العام حينئذ عن الرجوع إلى استصحاب الخيار، ومعه يعلم أن مفاد هذا الاطلاق غير مفاد الاطلاق المساوق للعموم اللغوي الأزماني حتى يقال كما في المتن بأنه لا فرق بين الاطلاق والعموم اللغوي في عدم الرجوع إلى الاستصحاب.
نعم يرد عليه أن هذا هو الاهمال المقابل للاطلاق والتقييد، إذ لا اهمال في الواقع، بل اللزوم الحقيقي المجعول له تعين واقعي، إما بجميع الأزمنة أو ببعضها، فإذا لم يكن اهمال في مقام الاثبات كان لا محالة دالا على أحد التعينين، فعدم الدلالة