الغابن والمغبون تلف في ملكهما فليس حال التالف هنا كالتالف تحت يد الأجنبي ليقال باشتغال ذمته بقيمته يوم التلف حتى تكون العين كأنها لم تتلف، ولذا قال بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (1) بأنه لا وجه لاعتبار قيمة [يوم] (2) التلف.
والظاهر كما أشار إليه شيخنا الأستاذ (قدس سره) أن الوجه فيه اقتضاء البيع المتزلزل لاعتبار بقاء العين ولو ببدلها، فيكون التنزل إلى البدل يوم التلف، توضيحه أن الخيار هو حق حل العقد، والقرار المعاملي متقوم بملكية كل من المالين بدلا عن الآخر، ويستحيل استقلال القرار المعاملي في التحصل، واعتبار الحل يستدعي بقاء العقد بما يتقوم به، لأن المعدوم لا حل له، واعتبار بقاء العقد مع تلف العين يستدعي اعتبار البقاء ببدلها، فلا بد من قيام بدلها عند تلفها، ويستحيل تخلل العدم، وإلا لم يكن من بقاء العقد، بل من اعتبار حدوثه، وهو بلا موجب، هذه غاية التوضيح لكلامه (قدس سره).
وقد مر سابقا دفع هذا الاشكال، وبينا أن العين بوجودها في أفق القرار المعاملي مقوم للقرار، وفنائها في وجودها الخارجي لتصحيح التسبيب إلى جعلها ملكا، ولا يترقب التأثير آنا فآنا ليلزم الالتزام بوجودها في الخارج، فإن العقد كالمقدمة الاعدادية لذلك لا كالمقتضي حتى يعتبر تأثيره بقاء على حد تأثيره حدوثا، فراجع (3).
وأما دوران الأمر بين قيمة يوم الفسخ أو يوم الدفع فمبني على أن مقتضى الفسخ مع تلف العين رجوع العين إلى الفاسخ بمالها من المالية، فيكون الفاسخ مستحقا لمالية العين بالفسخ، أو يقتضي دخول العين في عهدة المفسوخ عليه فلا يستحق إلا قيمتها حال الخروج من عهدتها بدفع قيمتها، وقد مر مرارا (4) أن الثاني لا موجب له فتعين الأول، ثم إن القاعدة تقتضي عدم الفرق بين تلف ما بيد المغبون وتلف ما بيد الغابن من حيث القيمة.