الكلام تارة في شمول دليل الخيار وعدمه من حيث سعة دائرة دلالته وعدمها، وأخرى في قابلية الصلح في ذاته للخيار من حيث الغبن وعدمها، والتفاوت بين أنحائه، أما الكلام في شمول مدرك الخيار فنقول:
أما الاجماع على دخول الخيار في البيع فبظاهره لا يعم الصلح إلا إذا لم يكن الصلح عقدا مستقلا في غير مورد المخاصمة، فإن الصلح حينئذ على عين بعوض بيع حقيقة بعبارة الصلح، فيكون مشمولا للاجماع.
وأما قاعدة نفي الضرر فهي في نفسها شاملة لموارد المعاوضات الضررية من دون فرق بين معاوضة بيعية أو صلحية أو غيرهما، نعم إذا قلنا بأن قاعدة الضرر تحتاج في العمل بها إلى الجابر أمكن الاشكال في خصوص الصلح، حيث لا شهرة على جريان خيار الغبن فيه لتكون قاعدة الضرر مجبورة بعمل المشهور.
وأما آية التجارة عن تراض، وآية لا تأكلوا أموالكم، وخبر تلقي الركبان، وخبر غبن المسترسل سحت فعلى فرض دلالتها لا يختلف حالها باختلاف مواردها بيعا وإجارة وصلحا.
وأما الكلام في قابلية الصلح في نفسه لدخول خيار الغبن أو مطلق الخيار فمختصر القول فيه أن الصلح المقابل لسائر المعاملات إن كان مقصورا على الرافع للخصومة فمن الواضح أن هذه الغاية مع مطلق الخيار الموجب لعودها متنافيان، وإن لم يكن كذلك بل كان هذا غرضا من بعض أصنافه بنحو الحكمة الموجبة لتشريعه فلا ينافي الخيار حتى في مورد التنازع.
وأما التفصيل بين أنحاء الصلح فنقول: إن الصلح ربما يكون في مورد يفيد فائدة البيع أو الإجارة مثلا إلا الداعي إلى إيجاده بهذا العنوان التخلص عن بعض ما يشترط في البيع والإجارة بعنوانهما، أو عن بعض الأحكام المترتبة عليه بعنوان البيع كخيار المجلس مع كون الغرض التبديل المعاملي وإقامة مال مقام مال، فجميع ما تقدم من ما يقتضي خيار الغبن في البيع جار في الصلح، وربما لا يكون لأجل تلك الغاية، بل لمجرد التخلص عن النزاع كالصلح في مقام المخاصمة واسقاط الدعوى من دون