للأشياء الخارجية بالعناية وللصور العلمية الحاصلة في ذاته على رأيهم بالرضا، وصاحب الإشراق تبعا لحكماء الفرس والرواقيين إلى أنه فاعل للكل بالمعنى الأخير.... فهو إما فاعل بالعناية أو بالرضا... إلا أن الحق الأول منهما. فإن فاعل الكل كما سيجئ يعلم الكل قبل وجودها بعلم هو عين ذاته، فيكون علمه بالأشياء الذي هو عين ذاته منشأ لوجودها، فيكون فاعلا بالعناية.
تمثيل: أصناف الفاعلية المذكورة وأنحاؤها الستة المسفورة متحققة في النفس الآدمية بالقياس إلى أفاعيلها المختلفة. فإن فاعليتها بالقياس إلى تصوراتها وتوهماتها بالرضا... وفاعليتها بالقياس إلا ما يحصل منها بمجرد التصور والتوهم بالعناية، كالسقوط من الجدار المرتفع الحاصل منها من تخيل السقوط، والقبض الحاصل من جرم اللسان المعصر للرطوبة من تصورها للشئ الحامض ". (1) أقول: الحق الذي لا مناص عن الالتزام به أنه سبحانه علم كله وحياة كله وقدرة كله. فعلمه سبحانه هو العيان على نحو الحقيقة والإحاطة من دون حصر وتقييد بالنظام الواحد الأصلح. فهو سبحانه علم وعيان وإحاطة بالنظامات الحسنى الغير المتناهية في عرض سواء. من دون احتياج إلى إضافة العلم إلى المعلوم.
فإن العلم حقيقة مجردة نورية لا احتياج في تحققه بالإضافة إلى المعلوم. فهو سبحانه عالم إذ لا معلوم بوجه. فيستحيل تعين العلم بالنظام الواحد وتعين النظام الواحد بالإرادة الذاتية بالمعنى الذي ذكروه في مرتبة الذات. والالتزام به يوجب أن تكون الجنايات الوقيعة والخيانات القبيحة كلها عين فعله تعالى ولا يكون لأحد فعل يسأل عنه. تعالى الله سبحانه عن ذلك علوا كبيرا. ويجوب أيضا أن يكون العالم قديما بقدمه تعالى وهو خلاف ضرورة الشرائع الإلهية.
والنزاع في ذلك يرجع عند التحليل إلى أن المؤثر في إيجاد العالم، هل هو