وأما لو كان متعلقه فعل المكلف، فإذا كان الوفاء به واجبا وبقاؤه على قوله وإبرامه ما تعهد به لازما فلازمه بقاء ما تعهد به وعدم تأثير فسخه، ونستكشف منه بقاء عقده، كالاستكشاف من عموم " أكرم العلماء " أن زيدا الذي يحرم إكرامه ليس زيدا العالم.
وبعبارة أخرى لو كان الفسخ رافعا لموضوع الوفاء وموجبا لذهاب التعهد بالمعنى المصدري عن صفحة الوجود وعن ظرفه، لكان وجوبه مع تحقق الفسخ تمسكا بالإطلاق في مورد الشك في المصداق.
وأما لو كان الفسخ رافعا للعقد، فمع الشك في تأثيره يمكن وجوب الالتزام بما التزم به.
وبهذا البيان يمكن أن يقال بعدم الاحتياج إلى الإطلاق بالنسبة إلى الزماني بل يكفي إطلاقه في الزمان، لأنه إذا كان الوفاء بالتعهد لازما في جميع الأزمان فلازمه عدم تأثير الفسخ.
ثم إنه لا إشكال في أن اللزوم المستفاد من الحكم التكليفي ليس تعبديا صرفا، بل لمناسبة الحكم والموضوع يعلم أنه حق مالكي. بل يمكن استفادة كونه حقا من مقابلة الجمع بالجمع في الآية الشريفة أيضا، فإن كل مكلف إذا كان مكلفا بالوفاء بعقده يستلزم أن لا يكون الوفاء بوصف الاجتماع مطلوبا على المتعاقدين. فعلى هذا يجب على كل واحد الوفاء بما تعهد به مع وفاء الآخر به، فإذا استقال أحدهما الآخر فله الإقالة، ولا نحتاج إلى إطلاق أدلة الإقالة حتى يقال: إن موردها منحصر في استقالة الزلات والعثرات لا العقود والمعاهدات. بل لو كان موردها العقود أيضا لم يعلم جريانها في كل عقد وذلك، لأن وجوب الوفاء لو كان حقا مالكيا فمقتضى القاعدة جريان الإقالة في كل عقد مبناه على اللزوم لولا الخيار ويشهد به المعاهدات بين الدول، والبيعة التي كانت بين الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم، فإن الحسين (عليه السلام) قال لأصحابه مرارا: رفعت بيعتي التي كانت في رقابكم وأنتم في حل مني. وبهذه المضامين قال الحسن (عليه السلام) لقيس بن سعد بن