ولا الإقالة، وما كان من الثاني فشرط اللزوم ينافي مقتضاه، وما كان من الثالث فلا ينافي كل واحد من الشرطين فيه.
وأما بحسب الإثبات فقد استكشفنا من الأدلة أن عقد النكاح والضمان من الأول، ولذا لا يصح فيهما جعل خيار الفسخ ولا يقبلان الإقالة. ولا ينافي ذلك جواز فسخ النكاح بالعيوب الخاصة وبتخلف بعض الشروط، وجواز فسخ الضمان إذا تبين إعسار الضامن مع عدم علم الدائن به، لقيام الدليل عليه بالخصوص.
واستكشفنا منها أن الهبة من الثاني والبيع من الثالث.
ثم إذا كان العقد مقتضيا للزوم أو الجواز بذاته فاللزوم أو الجواز حكمي ولا يقبلان الاسقاط، كما هو الشأن في جميع الأحكام الشرعية، سواء كانت ثابتة في العقود أم في غيرها. فلو التزم العاقد في إنشائه بضد ما اقتضاه العقد كان منافيا لمقتضاه، ومخالفا للكتاب والسنة. ولو التزم بما اقتضاه لما أفاد إلا التأكيد.
وأما ما لا اقتضاء له فاللزوم أو الجواز حقي قابل لجعل الخيار فيه وإسقاطه.
ثم إن الالتزام بما اقتضاه ذات العقد من اللزوم أو الجواز أو الالتزام بمضمون المعاوضة - في العقد الذي لا يقتضي أحدهما - إنما هو بالدلالة الالتزامية.
وتوضيح ذلك: أن ما ينشأ بالعقود إما مدلول مطابقي، وإما التزامي.
أما المطابقي فهو في البيع نفس تبديل المال بالمال، الذي يحصل بالمعاطاة أيضا.
وأما الالتزامي فهو التعهد بما أنشأ والالتزام به، وهذا هو العقد والعهد الموثق، لا المعنى المطابقي الحاصل بالفعل أيضا.
ولذا قلنا في باب المعاطاة بأنها بيع لا عقد، وقلنا بأنها تفيد الجواز، لعدم تحقق ما يوجوب اللزوم فيها.
ثم إن هذه الدلالة الالتزامية ناشئة من بناء العرف والعادة على أن من أوجد معنى بالعقد يلزم عليه أن يكون ثابتا على ما أوجده وبانيا على إنفاذ ما أنشأه، وإلا لم يقدم أحد على المعاملات الخطيرة والمعاوضة في الأشياء النفيسة،