مقتضيات العقد في نفسه ومن مفاد لفظ المتعاقدين مدلولا مطابقيا أو التزاميا، مع قطع النظر عن حكم الشارع حتى يقال: إن العمل بالعقد ووجوب الوفاء به هو العمل بما يقتضيه من لزوم أو جواز، لأن مقتضاه في نفسه ليس إلا التبديل مطابقة والالتزام بترتيب آثار الملكية على البيع التزاما - الذي أمضاه الشارع بقوله: أوفوا بالعقود، إما انتزاعا أو أصالة - لا لزوم هذا الالتزام أو جوازه.
وبالجملة لزوم الالتزام أو كونه باختيار العاقد ليس إلا مستفادا من أدلة لزوم العقد أو من أدلة الخيارات، فكل منهما من المجعولات الشرعية الخارجة عن مقتضيات العقد في نفسه.
قوله (قدس سره): (ومن ذلك يظهر الوجه في دلالة قوله تعالى * (أحل الله البيع) *....
إلى آخره).
لا يخفى أن حرمة الربا التي في هذه الآية جعلت قبالا لحلية البيع إما بمعنى حرمتها التكليفية والوضعية كليهما، وإما خصوص أحدهما. والاستدلال بهذه الآية يتم لو كان المراد منها الأعم أو خصوص التكليفية، وإلا لو كان المراد منها فساد الربا فبقرينة المقابلة يصير المراد من الحلية الصحة لا اللزوم.
ثم على فرض أن يكون المراد من الحلية حلية جميع التصرفات إلا أن مع الشك في ثبوت الحلية بعد الفسخ لا يمكن التمسك بإطلاقها، لأنه من قبيل التمسك بالإطلاق مع الشك في المصداق، لأن الفسخ لو كان مؤثرا لكان هنا رافعا ومزاحما مع أصل الحلية، وهذا بخلاف نحو أوفوا بالعقود، فإن الفسخ ثمة لا يرفع موضوع وجوب الوفاء الذي هو الالتزام بالمعنى المصدري وإنما يرفع العقد الذي هو اسم المصدر.
وتوضيح ذلك أن القيود الراجعة إلى الموضوع - أي حالاته - يمكن أن يكون الحكم بالنسبة إليها مطلقا ومقيدا، وأما حالات نفس الحكم فلا يمكن أن يكون الحكم بالنسبة إليها مطلقا أو مقيدا، فضلا عن أن يكون مطلقا أو مقيدا بالنسبة إلى رافعه وطارده. ونظير ذلك ملاحظة الأحكام الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية مع