وكلاهما ممنوعان، أما الأول: فلأن نظرهم متبع في تعيين المفاهيم لا المصاديق، إلا أن يكون تعيين المصداق راجعا إلى تعيين المفهوم.
وأما الثاني: فلعدم حكمهم في مورد الشك في كون شئ سببا مملكا بعدم كونه مملكا وباطلا، لشكهم في السبب فكيف يحكمون بعدم المسبب.
ونظير هذا التقريب للاستدلال استدلال المصنف في أول باب البيع بأدلة العقود في مورد الشك في الأسباب، مع إقراره بأن الأسماء وعناوين العقود - كالبيع، والصلح، والهبة - إنما هي موضوعة للمسببات دون الأسباب، فقال: وأما وجه تمسك العلماء بإطلاق أدلة البيع ونحوه، فلأن الخطابات لما وردت على طبق العرف حمل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف... إلى آخره.
ونحن قد استوفينا الكلام في هذا المرام وقلنا: إنه لو كان باب العقود وآثارها من قبيل الأسباب والمسببات لا باب الإيجاديات بالآلة لما كان وجه للتمسك بإطلاق ما يرجع إلى إمضاء المسببات لرفع الشك في تأثير سبب من الأسباب، لأن كلا منهما يحتاج إلى إمضاء على حده، ولا يرجع إمضاء تبديل المال بالمال إلى إمضاء ما كان القبول فيه مقدما على الإيجاب لعده العرف سببا. فراجع واغتنم.
وبالجملة لا يفيد التمسك بعقد المستثنى ولا المستثنى منه بوصف الانفراد.
نعم، مجموع العقدين يفيد المطلوب وذلك، لأن المستثنى هنا مستثنى منقطع، فإن التجارة عن تراض ليس من الباطل ومحكوما بخلافه، بل خارج عنه موضوعا وحكما. وإخراجه عنه موضوعا ليس كخروج الحمار عن القوم تكوينا، بل نفس الدليل هنا ناظر إلى خروجه. فمفاد العقدين أن كل تملك ما عدا التجارة عن تراض هو داخل في أكل المال بالباطل، فأخذ المال من المنتقل إليه والتملك عنه بدون رضاه - أي التملك بالفسخ - هو التملك بالباطل.
قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا يظهر وجه الاستدلال بقوله (عليه السلام) لا يحل.... إلى آخره).
لا يخفى أن تقريب الاستدلال به كتقريبه في الآية المتقدمة بالنسبة إلى