الأحكام الثابتة لها بعناوينها الثانوية، فإن إباحة الماء لها إطلاق بالنسبة إلى اشتراط ترك شربه في ضمن عقد لازم من حيث ذات الاشتراط - أي من حيث إنه فعل من أفعال المكلف كإطلاقها بالنسبة إلى سائر أفعاله - وأما من حيث أثره فلا يمكن أن يكون لها إطلاق، لأن أثر الاشتراط رافعية الإباحة، والإباحة لا إطلاق لها بالنسبة إلى وجودها وعدمها.
والسر في ذلك أن المحكوم ليس ناظرا إلى نفسه فضلا عن أن يكون مطلقا بالنسبة إلى حاكمه، وفي مقامنا هذا الفسخ لو كان مؤثرا لكان رافعا لأصل الحلية ولا إطلاق لها بالنسبة إلى رافعها، بخلاف تأثير الفسخ في حل العقد، فإنه لا يزاحم وجوب الوفاء ولا موضوعه الذي هو التعقيد، وإنما يرفع العقدة الحاصلة من فعل العاقد، فيمكن التمسك بإطلاق أوفوا في رفع هذا الشك.
وهذا هو السر في تخصيص المصنف هذا الإشكال بأحل الله البيع وأمثاله دون أوفوا بالعقود.
وبالجملة بعد الفسخ نشك في حلية التصرف كالشك في حلية أكل المال بالتجارة عن تراض، فالتمسك بعقد المستثنى في هذه الآية لا يفيد أيضا لرفع الشك عن تأثير الفسخ.
قوله (قدس سره): (ومنها قوله تعالى * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *.... إلى آخره).
تقريب الاستدلال بعقد المستثنى منه يتوقف - بعد الفراغ عن كون المراد من الأكل فيه هو التملك لا الازدراد - على أن يكون المراد بالباطل هو ما يسمى باطلا عرفا، وأن يكون العرف مع الشك في أن بالفسخ يمكن التملك أم لا حاكما بالبطلان.
وبعبارة أخرى يتوقف الاستدلال على أمرين:
الأول: أن يكون نظر العرف متبعا في تعيين المصداق.
الثاني: أن يكون حاكما بأن ما لم يعلم كون الفسخ سببا للتملك أن يكون التملك باطلا.