لا يخفى أن الأصل بمعنى الرجحان المستند إلى الغلبة لا يرجع إلى محصل، فإنه ممنوع صغرى وكبرى. فالمراد منه إما القاعدة المستفادة من العمومات، أو الاستصحاب، أو معناه اللغوي بمعنى أن وضع البيع وأساسه على اللزوم، وذلك لما ذكرنا من أن بناء العرف والعادة على التزام كل عاقد بما ينشئه. ويشعر بذلك عبارة التذكرة من قوله: والغرض تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار إليه، وإنما يتم ذلك باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه انتهى.
وبالجملة العقد هو العهد الموثق، فهو كالبيعة المتعارفة بين الرؤساء والتابعين لهم، وكالتعهد الحاصل بتصفيق كل منهما يده على يد الآخر. فإذا كان هذا بناء العرف والعادة في المعاملات مع عدم ردع الشارع عنه فيصير كل عقد معاوضي وما يشبهه - كالنكاح - متضمنا لهذا البناء، ودالا عليه بالدلالة الالتزامية.
نعم لو جعل أحدهما زمام هذا الالتزام لنفسه أو جعله الشارع له فيصير ذا خيار حقي قابل للإسقاط، ولذا عبرنا عن الخيار بملك الالتزام، لأنه حق لا حكم.
قوله (قدس سره): (بقي الكلام في معنى قول العلامة.... إلى آخره).
الأولى أن يقال في توجيه كلام العلامة: إن الخروج عن أصالة اللزوم يتحقق بأمرين:
الأول: ملك الالتزامين، أي الخيار.
والثاني: ملك أخذ ضميمة مع مال الطرف عوضا عن ماله.
وبعبارة أخرى كما أن العقد يقتضي اللزوم، كذلك يقتضي أن يكون أحد العوضين فقط عوضا عن الآخر. فإذا ثبت الخيار فيه يخرج عن اقتضائه اللزوم، وإذا ظهر العيب فيه يخرج عن اقتضائه كون أحد العوضين وحده عوضا عن الآخر، لاقتضاء ظهور العيب الأرش مع العوض.
وبالجملة ثبوت العيب أو ظهوره وإن كان سببا للخيار إلا أن الخيار الحاصل به مختلف في السنخ مع سائر الخيارات، لأن أخذ الأرش ليس من باب فسخ العقد في جزء من مدلوله حتى يكون من سنخها، وحتى يورد عليه بأنه لا يعتبر في