أيضا كاشفة عما ذكرنا، فإن قوله (عليه السلام) إذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء (1).
وقوله (عليه السلام): فذلك رضى منه ولا شرط له (2). يدل على أن الرضا بالبيع واختياره هو بنفسه مسقط للخيار. وليس المراد من " الرضا " الطيب، فإنه بهذا المعنى يتعدى بالياء، مع أنه في رواية عبد الله بن الحسن تعدى بالنفس، فيكشف عن أن معناه في سائر الأخبار هو الاختيار.
ويؤيد ذلك، بل يدل عليه صحة حمل الرضا على التصرف بلا عناية، فإن قوله (عليه السلام) " فذلك " أي الحدث رضى منه لو كان بمعنى الطيب لاحتاج إلى عناية، إما بحمل المنكشف على الكاشف، أو التنزيل. هذا مع أن جهة كشفه عن الرضا لا أثر له في شئ من العقود والإيقاعات، فإن العقد أو الإيقاع إنشائي لا يوجد إلا بآلة من قول أو فعل، ومجرد الرضا الباطني لا أثر له أصلا.
وبالجملة: لما استظهر المصنف من " الرضا " أنه بمعنى طيب النفس وجه أو احتمل وجوها في قوله (عليه السلام): فذلك رضى منه ولا شرط له. وكل ذلك في غير محله، لأنه مبني على أخذ الرضا بمعنى الطيب.
ثم إن كون جواب الشرط " فذلك رضى منه " أو قوله (عليه السلام) " ولا شرط له " ويكون فذلك رضى منه توطئة للجزاء - كما تكرر هذا الكلام منه (قدس سره) - لا يرجع إلى فرق حقيقي بين الوجهين، بل لا معنى للتوطئة، فإنه قد يكون الجواب مجموع الكلام من الصغرى والكبرى، وقد يكون خصوص الكبرى.
ثم إن المحتملات في الرواية لو كان المراد من الرضا طيب النفس ثلاثة، فإن الاحتمالين الأولين يرجعان إلى أمر واحد، وهو جعل التصرف مسقطا تعبديا ومنزلا منزلة الالتزام بالعقد، فعلى هذا كل حدث وتصرف بمنزلة الالتزام بالعقد في سقوط الخيار به، فيصير مفاد الحديث أنه لو أحدث المشتري حدثا فهو بمنزلة رضائه فلا خيار له. والاحتمال الثالث الذي هو الثاني في الحقيقة يرجع أيضا إلى