التعبد، لأنه لو لم يكن للتصرف ظهور فعلي وشخصي في الرضا بل كان كظهور الألفاظ في إرادة معانيها لما كان متبعا في كل مقام، إلا بتعبد من الشرع وبإمضاء ما عليه طريقة العقلاء. فإذا كان تعبديا يدور مدار مقدار التعبد، ولا وجه للتعدي عنه إلى مورد الفسخ.
ثم على الوجه الأول يكون حمل الرضا على التصرف نظير حمل الصلاة على الطواف في قوله (عليه السلام): " الطواف في البيت صلاة " وعلى الثاني - أي الثالث في كلامه - يكون من حمل المنكشف على الكاشف.
فتحصل مما ذكرنا أنه ليس التصرف في عرض سائر المسقطات مسقطا مستقلا، بل لمكان أنه إجازة والتزام بالعقد وأخذ بأحد طرفي الخيار. ولذا يجب أن يعد التصرف بحسب العرف والعادة مصداقا للإجازة وإن لم يقصد به الإجازة، لأن كل فعل كان مصداقا لعنوان يكفي في تحقق العنوان مجرد القصد إلى الفعل، ولا يشترط قصد العنوان به. ولذا قالوا: إن الوطء وإنكار الطلاق رجوع وإن لم يقصده بهما.
نعم، غير الوطء من سائر الأفعال يجب أن لا يقصد منه خلاف العنوان، لأن مع قصد الخلاف يخرج الفعل عن المصداقية. كما أنه يشترط أن لا يقع الفعل اشتباها، وأن لا يكون من الأفعال التي تصدر من غير المالك أيضا، كسقي الدابة ونحو ذلك.
وبالجملة: التصرف المالكي هو بنفسه إجازة فعلية ولو لم يقصد به عنوان الإجازة، بل لو فعل فعلا لم يصدق التصرف عليه - كالعرض على البيع - فهو أيضا إجازة، لأن قوله (عليه السلام): " فذلك رضى منه " كما يوجب تخصيص التصرف بالتصرف المالكي كذلك يوجب تعميم كل عمل كان مصداقا للاختيار. ومن هنا ظهر أن ما أورده (قدس سره) على من خصص التصرف بالتصرف المالكي غير وارد أصلا، لأن عقد الوضع وإن كان عاما إلا أن عقد الحمل يوجب تقييد الموضوع، وجزاء الشرط في الشرطيات كالمحمول في الحمليات.