فقوله (عليه السلام): فذلك رضى منه، يوجب اختصاص التصرف بالتصرف الناشئ عن اختيار والتزام بالعقد.
والاختصاص لا يوجب استهجانا سواء قلنا بأن التصرف مسقط تعبدي، أو كاشف نوعي، أو إجازة فعلية.
أما على التعبدية فواضح، لأن كل تصرف محرم عليه قبل الشراء فهو مسقط بمنزلة الرضا.
نعم، يرد عليه - مضافا إلى أن ظاهر الخبر بيان الأمر الارتكازي لا التعبد - أن جعل الخيار لغو، لأنه لا ينفك المبيع عن التصرف فيه في الثلاثة.
وأما على الكشف النوعي - الذي قلنا: إنه راجع إلى التعبد أيضا - فلأن جعل " فذلك رضى " بمنزلة العلة للجزاء، إما راجع إلى علة الجعل، أو المجعول والحكم.
أما لو كان علة للحكم فهي موضوع الحكم، وليس من أول الأمر عاما حتى يكون تخصيصه بالفرد النادر مستهجنا. وأما لو كان علة للتشريع - كزوال أرياح الآباط في غسل الجمعة وعدم اختلاط المياه في العدة - فتارة: تكون العلة بمثابة من الأهمية في نظر الشارع بحيث لا يرضى بوجودها ولو في الفرد النادر، فيصح تشريع الحكم على وجه العموم حفظا للحمى.
وأخرى: لا تكون بتلك المثابة، فلا يصح تشريعه على وجه العموم.
هذا، مع أن كل ذلك لم يكن لأنه ليس المراد من الحدث مطلق التصرف حتى يكون تعليل الحكم المطلق بهذه العلة الغير الموجودة إلا في قليل من أفراده مستهجنا، بل المراد منه التصرف المالكي وهو في الغالب لا ينفك عن الرضا وكاشف نوعي عنه.
نعم، مطلق التصرف ليس كاشفا نوعيا، ولكن أين الإطلاق؟
وبالجملة: بعد ما ظهر أن الحكم بسقوط الخيار بالتصرف ليس إلا لأنه إجازة فعلية ظهر أن الجمع بين الأخبار في غاية الوضوح، لأنها بأجمعها ناطقة بأن التصرف الذي يحرم على المتصرف لو لم يكن مالكا هو اختيار للعقد وإمضاء له، سواء صدر بعنوان الإجازة، أم بلا التفات إلى العنوان.