والجهاد. فقد عرفت عدم كونها كذلك أصلا. وأما من قبيل ما ورد من أن من أجنب نفسه متعمدا وجب عليه الغسل وإن كان مستلزما للضرر ففيه:
أولا أن هذا الحكم مخصوص بالغسل ولم يتعد أحد إلى غيره.
وثانيا لم يعمل بهذا الخبر من يعتنى بشأنه حتى في باب الغسل أيضا. وذكره في الاستبصار لا يدل على عمل الشيخ به، لأن بناءه ليس على العمل بجميع ما تضمنه من الأخبار.
فبقي في المقام المحرمات والتزموا برفع حرمة الترافع عند حكام الجور ولم يلتزموا بارتفاع حرمة الأموال المتنجسة ولم يجوزوا بيع المتنجس وأكله وشربه وإن لزم من تركها الضرر، فهي مخصصة لقاعدة لا ضرر ولا محذور.
والجواب عنه بأن لا ضرر يختص بالأفعال الوجودية وناظر إلى الأحكام الباعثة على وجود الأفعال كقوله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتي تسعة - فإن النفي أو الرفع إذا تعلق بالأمور الوجودية تشريعا فيكون كناية عن نفي حكمها ورفعه تشريعا كما أن نفي أحكامها تشريعا عبارة عن انتفاء تلك الأفعال تشريعا فيناسب تعلقه بالفعل فالمحرمات خارجة تخصصا - مما لا وجه له، فإنه فرق بين الرفع والنفي في المقام، لأن المناسب للرفع أن يكون متعلقا بما كان مفروض الوجود فيرفع تشريعا ولا يصح تعلقه بالترك. وهذا بخلاف النفي في قوله (صلى الله عليه وآله) " لا ضرر " فإنه ناظر إلى نفي العنوان الذي يتولد منه الضرر إما بلا واسطة كلزوم العقد وإما مع الواسطة كوجوب الوضوء. وهذا العنوان على ما نقحناه ليس إلا حكم الشارع وهو أعم من أن يكون وضعيا أو تكليفيا، والتكليفي أعم من أن يكون إيجابيا أو تحريميا.
فالصواب هو الالتزام بالتخصيص في الجملة والمنع عن كثرته، بل يمكن أن يقال: إن المحرمات المالية أيضا خارجة عن قاعدة لا ضرر تخصصا، لما عرفت في معنى الضرر أنه في الأموال عبارة عن نقص ما يجده الإنسان، وبعد كون الشئ نجسا يخرج عن المالية ويكون النجس والمتنجس كالخمر والخنزير