العلماء الشامل لزيد. فكونه بيانا للعام إنما هو بحكم العقل بعد العلم بصدور الخاص والعام من العاقل الملتفت، فإن العقل يحكم بأن الملتفت لا يحكم واقعا بوجوب إكرام جميع الأفراد مع حكمه في فرد منها بخلاف حكمه في سائر الأفراد، وبعد نصوصية الخاص أو أظهريته من العموم في شموله له يحكم بأن المتكلم لم يقصد من العموم هذا الفرد.
وضابط الحكومة: أن يكون هذا الوجه من الجمع مدلولا لفظيا ولا تختص الدلالة اللفظية بأن يكون مدلول الحاكم هو " أردت من المحكوم هذا " حتى يكون شارحا بلفظ " أي " و " أعني " ونحوهما، فيكون كقرينة المجاز. بل تشمل ما كان كالمقيد والمخصص بيانا للمراد من الحكم الواقعي كأغلب الحكومات، فإن مثل قوله " لا شك لكثير الشك " يبين بنفس مدلوله اللفظي موضوع قوله " إذا شككت فابن على الأكثر " ويضيق دائرة الموضوع.
فالفرق بين التخصيص والحكومة هو أن بيانية الخاص للعام إنما هو بحكم العقل وبيانية الحاكم للمحكوم إنما هو بنفس مدلوله.
وفرق آخر بينهما وهو أن الحكومة تتوقف على ورود المحكوم أولا ثم ورود الحاكم، وذلك لأنه مسوق لبيان حكمه ومتفرع عليه بخلاف التخصيص الذي هو أحد أقسام التعارض.
وبالجملة: لم يرد حكم من الشارع لا عموما ولا خصوصا، فلا مجال لورود قوله (صلى الله عليه وآله) " لا حرج في الدين " أو " لا ضرر في الإسلام " وهذا بخلاف مثل " لا تكرم زيدا " فإنه غير متفرع على ورود أكرم العلماء.
ثم إن الحكومة على أقسام:
منها: ما يتعرض لموضوع المحكوم، كما لو قيل بأن زيدا ليس بعالم، بعد قوله:
أكرم العلماء.
ومنها: ما يتعرض لمتعلق الحكم الثابت في المحكوم، كما لو قيل بأن الإكرام ليس بالضيافة.