بلسان نفي الموضوع، فهذا الدليل إذا أخرج فردا من موضوع أدلة الأحكام فهو حاكم عليها.
ثم إن بيان وجه الحكومة مطلقا في المقام وبيان ضابطها في كل مقام على طريق الإجمال يتوقف على تمهيد مقدمة، وهي أن القرينة تارة تكون قرينة للمجاز، وأخرى للتخصيص أو التقييد، بناء على ما هو الحق من أن العام المخصص أو المطلق المقيد ليس بمجاز.
والفرق بينهما أن قرينة المجاز قرينة للمراد من اللفظ، فإن " يرمي " في قولك:
رأيت أسدا يرمي، قرينة على أن المراد من الأسد في هذا الكلام بالدلالة التصديقية هو الرجل الشجاع.
وأما المخصص أو المقيد فليس قرينة للمراد من اللفظ، بل قرينة لموضوع الحكم وأن عنوان العام أو المطلق ليس تمام الموضوع بل جزؤه.
وعلى هذا فمراد شيخنا الأنصاري (قدس سره) من: أن الحكومة هي أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال دليل آخر (1) ليس خصوص ما كان الحاكم من قبيل قرينة المراد من اللفظ بأن يفسر بكلمة " أي " أو " أعني " وإلا لاختص بالأدلة اللفظية ولا يشمل حكومة بعض الأحكام العقلية على بعض، بل مراده منها الأعم من ذلك، فمن أقسامها ما كان أحد الدليلين ينفي ما هو المفروض موضوعا في الدليل الآخر، أو يثبت موضوعا مثل ما فرض موضوعا في الدليل الآخر، كما إذا قيل " أكرم العلماء " وورد دليل على أن زيدا مع كونه عالما ليس بعالم، أو يدل على أن زيدا مع كونه جاهلا عالم.
وبالجملة: غرضه من هذا البيان الفرق بين التخصيص والحكومة، فإن ضابط التخصيص أن لا يكون في اللفظ إشعار أصلا بالحكم الثابت في العام، فإن قوله " لا تكرم زيدا " لا تعرض له بحسب المدلول بالحكم الثابت في جميع أفراد