ثم إن التخصيص الوارد على القضايا الحقيقية على قسمين:
قسم يوجب التصرف في كبرى الحكم.
وقسم يوجب التصرف في كلية الكبرى، لأنه قد يرد على المدخول وهو في الحقيقة تقييد وقد يرد على الأداة، وما في القضايا الخارجية فدائما يرد على الأداة.
وتفصيل ذلك راجع إلى باب العام والخاص، وإجماله: أن العام من جهة المدخول نظير المطلق أي: توسعة المدخول وتضييقه إنما هما بمقدمات الحكمة، لأن أداة العموم وضعت لكلية الكبرى، وأما الكبرى ما هي؟ فليست الأداة موضوعة لتعيينها، فكل ما أريد من المدخول فالأداة على عمومه. فالعام من هذه الجهة نظير المطلق وإن كان بينهما فرق في إحراز كون المتكلم بصدد البيان، فإنه يحرز في باب المطلق بقرينة الحال، بخلاف باب العام، فإنه يحرز بنفس الأداة.
فالتخصيص لو كان من قبيل العناوين فهو موجب لتقييد المدخول، كما لو قيل " أكرم العالم " أو قيل بالدليل المنفصل " لا تكرم فساقهم " فإن موضوع الحكم يصير مقيدا بالعدالة، ويصير عنوان العام أحد جزئي الموضوع والجزء الآخر هو القيد الناشئ من التخصيص. ولذا لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لأن عنوان العام ليس هو تمام الموضوع للحكم. وأما لو كان أفراديا فلو علم أن خروج هذه الأفراد بجامع واحد فهو أيضا موجب للتصرف في الكبرى، ولو لم يعلم فهو موجب للتصرف في الأداة - أي في كلية الكبرى - من دون تصرف في مدخولها، أي في الكبرى هذا في القضايا الحقيقية.
وأما في التخصيص الوارد في القضايا الخارجية فحيث إن الأفراد لا جامع بينها فلا كبرى في البين حتى يرد التخصيص عليها، فلا محالة يرجع إلى أداة العموم. فلو خرج أفراد كثيرة من قوله " نهب ما في الدار " يصير التخصيص مستهجنا. وحيث إن قاعدة لا ضرر من قبيل العمومات الواردة على الأفراد الخارجية، فإن المنفي هو الضرر الناشئ من الأحكام المجعولة في الخارج فكثرة الخارج أيضا مستهجن ولو كان الإخراج بعنوان واحد.