ولا يقال: على فرض أن يكون احترام مال المسلم من فروع سلطنته وعدم كونه قاعدة مستقلة، إلا أن قاعدة السلطنة مركبة من أمر وجودي وهو كون المالك مسلطا على التصرف في ماله بما يشاء، وأمر سلبي وهو سلطنته على منع غيره عن التصرف في ماله. والضرر إنما يرد على الأنصاري من تصرف سمرة في ماله بما يشاء لا من منع الأنصاري عن قلع عذقه، فلا وجه لسقوط احترام ماله رأسا وكونه من قبيل ما لا مالك له، ولذا لا شبهة في سلطنته على بيعه أو هبته من غيره.
وبالجملة: لا بد أن يلاحظ الجزء الأخير من علة الضرر، وليس هو إلا دخوله على الأنصاري بلا استئذان لا كون ماله محترما.
لأنا نقول: جهة السلطنة وإن انحلت إلى جزئين إيجابي وسلبي، إلا أن هذا تحليل عقلي لا أنها مركبة من حكمين، فلا معنى لأن يكون قاعدة لا ضرر حاكمة على أحد جزئي السلطنة دون الآخر.
نعم، الجزء الأخير من علة الضرر ابتداء وبلا واسطة هو الدخول بلا استئذان، إلا أنه حيث يكون متفرعا على إبقاء نخلته في البستان فالضرر ينتهي وينشأ بالأخرة من علة العلل فينفي حق الإبقاء.
وتوضيح ذلك بعد ظهور القضية في أن سمرة لم يكن مالكا إلا للعذق، وأن البستان المغروس فيها النخيل كان للأنصاري. غاية الأمر أنه كان مستحقا لإبقائها فيها مجانا إما لاستئجاره الأرض للغرس وإما لكون مالكها واحدا ابتداء ثم انتقل الأرض إلى أحد والنخلة إلى آخر. فعلى أي حال كان سمرة مستحقا لإبقائها، فإذا كان كذلك وكان هذا علة لجواز الدخول على الأنصاري بلا استئذان، فلو كان المعلول والفرع مستلزما للضرر فنفي الضرر رافع لأصل العلة والأصل.
وبالجملة: الضرر في الحقيقة نشأ من استحقاق سمرة لإبقاء العذق في الأرض، لأن جواز الدخول بلا استئذان من فروع هذا الاستحقاق. فقاعدة لا ضرر يرفع هذا الاستحقاق، لأنها بمنزلة الكبرى الكلية، وقوله (صلى الله عليه وآله) " إنك رجل مضار " صغرى لها وقوله (صلى الله عليه وآله) " اذهب فاقلعها " نتيجة لهاتين المقدمتين. وتفرع جوازا الدخول بلا