" نقع البئر " فيظهر من أئمة الحديث أن قوله (صلى الله عليه وآله) لا ضرر ولا ضرار من تتمة قوله (صلى الله عليه وآله) في حكم الشفعة، وهكذا من تتمة نهيه عن منع نقع البئر ومنع فضل الماء.
ولكنه يمكن أن يقال: إن لا ضرر ولا ضرار حكم مستقل منه (صلى الله عليه وآله)، وليس من تتمة حكمه في الشفعة وحكمه في منع نقع البئر وفضل الماء وذلك من وجوه:
الأول: أن أقضية النبي (صلى الله عليه وآله) مضبوطة عند الإمامية وأهل السنة والجماعة، وبعد اتفاق ما رواه العامة عنه (صلى الله عليه وآله) مع ما رواه أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) وبعد ورود لا ضرر مستقلا في طريقهم إليه (صلى الله عليه وآله) يحدس الفقيه أن ما ورد في طريقنا أيضا كان مستقلا، وكان هو بنفسه من أقضيته (صلى الله عليه وآله) من دون أن يكون تتمة لحديث الشفعة ومنع فضل الماء.
وبالجملة: مقتضى ما نقله شيخنا الأستاذ مد ظله عن علامة عصره شيخ الشريعة الأصبهاني (قدس سره) أن أكثر أقضية النبي (صلى الله عليه وآله) مروي في مسند أحمد بن حنبل، وأول من رواه عنه (صلى الله عليه وآله) هو عبادة بن الصامت الذي هو من خيار الصحابة، وأن كثيرا منها أو جلها مروية في كتبنا عن الصادق (عليه السلام)، وأول من رواه عنه (عليه السلام) هو عقبة بن خالد. وحيث إن المروي عن عبادة كان لا ضرر ولا ضرار قضاء مستقلا، فإذا عرضنا ما رواه عقبة من تلك الأقضية المتفرقة في كتب أصحابنا على الأبواب على ما رواه ابن حنبل عن عبادة مجتمعة وجدناه موافقا له بألفاظه، سوى أن ما روي عن عقبة جعل لا ضرر في ذيل قضائه (صلى الله عليه وآله) بالشفعة وقضائه بين أهل المدينة ومشارب النخل وقضائه بين أهل البادية وصاحب الماشية.
وأما ما روي عن عبادة فهو من الأقضية المستقلة.
ومن التوافق بينهما يحدس الفقيه أمرين:
أحدهما: أن هذه الأقضية كما كانت مجتمعة في رواية عبادة كانت كذلك أيضا في رواية عقبة، وإنما فرقها أصحاب الحديث على الأبواب على ما هو ديدنهم من ذكر ما يرتبط بذاك الباب دون مجموع الحديث.
والثاني: عدم وجود هذا الذيل في حديث الشفعة ومنع فضل الماء في رواية