مقتضى القواعد أو تعبد صرف، وإلا فمقتضى القواعد هو انفساخ المعاملة ورجوع المبيع إلى البائع من جهة التلف، فهو معلول للتلف فكيف يتقدم عليه؟ فنقول: هذا أيضا على طبق القواعد، وحقيقة المعاوضة تقتضي ذلك، ويصير التلف كاشفا لا علة.
وتوضيح ذلك: أنه لو سلم أن عقد المعاوضة اقتضى ضمان المسمى لا المثل أو القيمة ولازمه انفساخ المعاوضة، وأنه اقتضى رجوع المثمن إلى البائع يجب أن يقال برجوعه إليه آنا ما قبل التلف، لأنه بعد التلف لا يصلح للرجوع ولا قابلية له للعوضية، والمفروض أن بطلان المعاوضة يقتضي دخول ما خرج، فإذا لم يبق ما خرج على صلاحية الدخول اقتضى خلاف ما يقتضيه الانفساخ. ومجرد فرض التالف موجودا لا يخرجه عن المعدومية، فلا بد أن يلتزم بما هو صالح للرجوع، والصالح إنما هو قبل التلف. فتحصل: مما ذكرنا أن المحتملات أو الأقوال ثلاثة:
الأول: كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع تعبديا صرفا مطلقا.
الثاني: كونه مطابقا للقاعدة مطلقا - أي وإن لم يكن نص في المقام - فجميع ما ذكرنا من الانفساخ ورجوع المثمن إلى ملك البائع ورجوعه إليه قبل التلف هو مقتضى قواعد المعاوضات.
الثالث: التفصيل بين الجهات بأن يكون أصل الانفساخ على طبق القاعدة، وأما تحققه قبل التلف فبالنص الخاص، وهو الرواية والنبوي.
ثم إنه يتفرع على الأول أنه لا يمكن التعدي من تلف المبيع إلى الثمن ولا من البيع إلى غيره، إلا إذا استظهر كون الخصوصية ملغاة، كما في خيار العيب، فإنه يتعدى عن البيع إلى سائر المعاوضات، بل إلى شبه المعاوضات من الخلع ومثله.
وأما لو علم دخل الخصوصية أو احتمل كما في خيار المجلس فلا يمكن التعدي.
وعلى الثاني والثالث يتعدى إلى الثمن في البيع وإلى المثمن في جميع المعاوضات، لأن أصل الانفساخ على القولين على طبق القواعد. وكونه قبل التلف أو بعده من جهة السريان إلى غير البيع وفيه إلى الثمن لا أثر له، بل على الظاهر لا أثر له أصلا بل هو نزاع علمي، فتدبر.