أم لا؟ والحق عدم سقوطه بالإسقاط لا لأنه إسقاط لما لم يجب، لأن الضمان فعلي بمقتضى المعاوضة، ولا لأنه مجعول شرعي تعبدي لا يقبل الإسقاط، لأن التعبدي على قسمين: قسم راجع إلى حق خلقي - كخيار الحيوان - وقسم ممحض في كونه حكما شرعيا، كلزوم النكاح وجواز الهبة. فلو كان من قبيل الثاني فلا يقبل الإسقاط مطلقا، لأنه من آثار الحكم وهو المائز بينه وبين الحق. وأما لو كان من قبيل الأول فلو رجع الإسقاط إلى أصل الجعل كما لو جعل العقد غير خياري فهذا راجع إلى الشرط المخالف للكتاب أو لمقتضى العقد، وأما لو رجع إلى إسقاط حقه فلا محذور كما قدمناه في خيار المجلس، بل لأن حكم الضمان المعاوضي حكم ضمان الأعيان، فكما أنه ليس للمغصوب منه إسقاط الضمان عن الغاصب مع بقاء يده على حالها من كونها يد ضمان فكذلك في المقام، لأن المعاوضة إن اقتضت الضمان قبل القبض فقبل رفعها بالإقالة وقبل رفع عدم القبض بهبة أو إباحة لا يمكن أن يرفع مقتضاها.
وبالجملة: لا بد في رفع الضمان من رفع موضوعه، فمع بقاء الموضوع على حاله لا يمكن رفع أثره، إما لأنه مخالف لأصل الجعل أو مخالف لمقتضى العقد، فليس رفعه تحت استيلائه وسلطنته.
قوله (قدس سره): (لو تلف بعض المبيع قبل قبضه.... إلى آخره).
لا شبهة في أن تلف بعض المبيع كتلف كله لو كان البعض مما يقسط عليه الثمن في عقد المعاوضة - كتلف أحد العبدين اللذين باعهما صفقة، وتلف من من الحنطة من عشرة أمنان - سواء قلنا بأن القاعدة على القاعدة أو على التعبد. أما بناء على الأول لأن التلف إذا اقتضى انفساخ المعاوضة بالنسبة إلى التالف فيرجع التالف آنا ما إلى ملك البائع. وأما على الثاني فلأن المبيع وإن كان منصرفا عن بعض المبيع وظاهره هو المنتقل إلى المشتري بعقد مستقل لا في ضمن العقد الواقع على المجموع إلا أن هذا الانصراف بدوي، لصدق المبيع على كل جزء مما وقع عليه العقد، ولذا لو لم يكن هذا الجزء موجودا أو مملوكا في حال العقد يبطل البيع بالنسبة إليه ويصح في الباقي.