ومنها: خيار الرؤية فإن المحقق الثاني ألحقه بخيار الغبن في سقوطه بتلف العين.
وعلى هذا فالصواب تحقيق المسألة على مقتضى القواعد العامة، فنقول بعد ما تقدم مرارا: إن الخيار عبارة عن ملك فسخ العقد وإقراره فتلف العين لا يقتضي سقوطه ولو كان طريقا لاسترجاع العين، لأنه ليس طريقا لاسترجاعها بخصوصيتها الشخصية بل طريق لاسترجاعها بماليتها، وهي محفوظة في كلتا صورتي بقاء العين وتلفها، بل لو لم يرد في الأدلة لفظ الخيار وإنما ورد الرد والاسترداد فتلف العين لا يقتضي امتناعهما، لأنهما ليسا ظاهرين في الرد والاسترداد الخارجيين، بل المقصود منهما الرد والاسترداد في الملك، مع أنه لم يرد في الأدلة لفظ الرد إلا في خصوص خيار العيب. والنزاع في سقوطه بالتلف أو بقائه لغو، لأن إعمال الخيار فيه يتوقف على بقاء العين بحالها، فلو تغيرت عما وقع العقد عليه ولم تكن العين قائمة بعينها سقط الخيار فضلا عما إذا تلفت.
هذا، مع أنه لو دل الدليل على ثبوت حق الرد فنقول: إنه إما أمر أجنبي عن الخيار وإنما هو حكم شرعي تعبدي ولا يترتب عليه آثار الخيار من سقوطه ونقله إلى الغير كجواز الرجوع إلى العين الموهوبة أو جواز الرجوع في المعاطاة فإنه لا يصلح للإسقاط ولا المصالحة عليه ولا أن يرثه الوارث، وإما مرجعه إلى ذاك المعنى المتعلق بالعقد الغير المرتبط بشئ من العوضين.
وبالجملة: لو استفيد من جواز الرد هذا المعنى القابل للنقل والإسقاط فهو متعلق بالعقد ولا يدور مدار بقاء العين، ولو لم يستفد ذلك فهو حكم شرعي في مقابل الخيار، فليس في المقام معنيان قابلان لأن ينطبق عليهما الخيار وكان أحدهما متوقفا على بقاء العين دون الآخر فلا وقع للترديد.
وما أفاده (قدس سره) من " أن إرادة ملك الفسخ من الخيار غير متعينة في كلمات الشارع " فيه ما لا يخفى، فإن حاصل ما أفاده هو أن الرد وإن كان مقابلا للخيار ولزوم بقاء العين فيما إذا ورد في الأدلة لفظ " الرد " لا يقتضي لزوم بقائها إذا ورد