بالمبادئ، وبعضهم أخذ بالغايات وترك المبادئ، ولذا فسره بالخطر الذي هو نتيجة الغفلة والإغفال.
ثم إن كلا من الغرة والغرور والغرر يستلزم الجهل بواقع الأمر، لأنه لو كان الشخص عالما به فإقدامه يوجب سلب هذه العناوين عنه. نعم، قد تكون هذه المعاملة سفهية، وهذا أمر آخر غير عنوان الغرر، فالغرر سواء كان بلحاظ سببه - وهو الغفلة أو الخدعة - أو بلحاظ المسبب - وهو الخطر - يقتضي الجهل بما يغتر به وما يقع في ضرره، سواء كان جهلا بالوجود، أو الحصول، أو بصفات المبيع.
ثم إن تقريب الاستدلال بالنبوي على فساد المعاملة إذا كان المبيع مجهول الحصول كما هو مفروض البحث موقوف على ذكر محتملات النبوي الشريف.
فنقول: نهيه (صلى الله عليه وآله) عن الغرر يحتمل أن يكون حفظا للنظام وسياسة للعباد، لئلا يقعوا في المشاجرة والتنازع.
ويحتمل أن يكون إرشادا لدخل القدرة على التسليم، ولبيان شرطيتها أو مانعية العجز، نظير النواهي الغيرية الواردة في أجزاء المركب العبادي.
ويحتمل أن يكون نهيا عن المسبب، كالنهي عن بيع العبد المسلم من الكافر، أو عن بيع المصحف منه، ودلالته على الفساد تتوقف على كونه على أحد الوجهين الأخيرين، والأقوى ذلك، لأن استدلال العامة والخاصة به يكشف عن كونه مسوقا لذلك. والدلالة السياقية وإن كانت موقوفة على كونها قطعية - وفهم العلماء لا يوجب الظهور في اللفظ، ولذا لا نقول بأن العمل يجبر ضعف الدلالة - إلا أنه في المقام خصوصية يمكن استفادة هذه الدلالة منه، وهي: أنه لو لم يكن الكلام الصادر عنه (صلى الله عليه وآله) في مقام بيان الفساد بل كان للنصح والإرشاد إلى ما لا يوقع في النزاع والتشاجر لم يتمسكوا به في باب اعتبار القدرة على التسليم، فمن ذلك يستكشف أن مع نهيه (صلى الله عليه وآله) قرينة على كونه مسوقا للنهي عن المسبب أو شرطية القدرة دون المعنى الأول، فتأمل.
ومما استدلوا به على شرطية القدرة أيضا قوله (صلى الله عليه وآله) لحكيم بن حزام الدلال: