الراهن هو تحت استيلاء المرتهن، فعدم قدرة الراهن على تسليم المبيع ليس إلا لعدم استيلائه على أصل البيع، لأنه لا بد من بقاء الملك في ملكه حتى يستوفي المرتهن حقه، ففساد بيع الراهن ليس من جهة عدم القدرة، بل لوجود المانع.
وبعبارة أخرى: وإن كان العجز الشرعي كالعجز الخارجي إلا أن محط نظر الأساطين في هذا الشرط هو عدم القدرة خارجا، ولذا يمثلون لما لا يقدر على تسليمه ببيع السمك في الماء والطير في الهواء، وأما عدم القدرة شرعا على تسليمه لتعلق حق الغير به أو لوجه آخر من وجوه فقدان شرائط المعاوضة فهو خارج عن موضوع البحث.
ثم على فرض شمول قوله (صلى الله عليه وآله): " لا تبع ما ليس عندك " لمن لا يقدر على تسليم المبيع، إلا أنه لا يوجب إخراج بيع الفضولي بجميع أقسامه عن عمومه.
أما بيع من لا يملك المبيع فلأن اعتبار القدرة على التسليم إنما هو في ناحية المسبب، وحيث إنه بإجازة المالك يقع عنه فعدم قدرة موجد السبب لا يضر بالمعاملة أصلا، سواء قصد البيع لنفسه، كالغاصب أو قصده عن المالك، وسواء قلنا بالكشف الحقيقي أو الحكمي، أو قلنا بالنقل.
وأما بيع الراهن ومن بحكمه، كالمحجور لسفه أو رق أو فلس فبناء على كون الفضولي بجميع أقسامه على طبق القاعدة، حتى بيع الراهن ونكاح بنت الأخ والأخت على العمة والخالة ونحوهما فالأمر واضح، لأن قوله (صلى الله عليه وآله): " لا تبع ما ليس عندك "، ونهيه (صلى الله عليه وآله) عن بيع الغرر لا يشمله.
وأما بناء على التعبد فيمكن دعوى عدم شمول بعض أدلة بيع الفضولي لبيع الراهن بدون الإذن السابق من المرتهن، إلا أنه لا إشكال في أن أدلة صحة نكاح العبد بدون إذن المولى إذا تعقبه الإجازة يشمله إذا أجازه المرتهن. وعليك بمراجعة ما علقناه على مسألة بيع الراهن قبل ذلك.