وبالجملة: مالية الأموال في عالم الاعتبار إنما هي باعتبار كونها منشأ للآثار، وإذا لم يكن كذلك فلا يعده العقلاء مالا وإن ترتب عليه بعض الآثار الجزئية، فهذا الشرط في الحقيقة من شروط العوضين.
وكيف كان فينبغي التنبيه على الفرق بين تعذر التسليم الذي هو مانع عن صحة البيع وتعذره الموجب للخيار.
فنقول: لو لم يمكن التسليم من المنتقل عنه ولا التسلم من المنتقل إليه فهو مورد عدم صحة البيع، فيرجع شرطية القدرة على التسليم إلى اعتبارها في الجامع بينهما.
وأما لو كان المنتقل عنه عاجزا دون المنتقل إليه أو كان المنتقل عنه قادرا ابتداء ثم طرأ العجز فهو مورد الخيار.
والسر في ذلك: هو أنه لو لم يمكن التسليم والتسلم فهذا المال لا يعتبره العقلاء مالا. وأما إذا كان المنتقل عنه متمكنا من التسليم في وقت لزومه وماطل حتى طرأ العجز، أو كان من أول الأمر عاجزا ولكن كان المنتقل إليه متمكنا من التسليم فمناط مالية المال موجود فيه، ويتدارك نقصه بالخيار للمنتقل إليه إذا كان جاهلا بعجز المنتقل عنه، لأن منشأ الخيار في غير خيار الحيوان والمجلس هو تخلف الشرط الصريح أو الضمني الذي يتضمنه كل عقد معاوضي التزاما، وهذه الدلالة الالتزامية فرع تمامية العقد من حيث الأركان. وأما إذا كان العقد متعلقا بما كان فاقدا لمناط مالية المال ولا يمكن التبديل والتبدل من حيث المدلول المطابقي فهو موجب للفساد، فالدليل على اعتبار هذا الشرط في صحة العقد هو عدم عد العرف والعقلاء ما لا يمكن تسليمه ولا تسلمه مالا، ولا يرتبون عليه أثرا.
ولذا مثل الأساطين لفقد هذا الشرط ببيع السمك في الماء والطير في الهواء، مع عدم اعتياد رجوعهما إلى الحالة التي يمكن إقباضهما وقبضهما.
ولا يقال: لو كان في هذا النحو من المال قصور في جهة المالية لزم جريان قاعدة التلف قبل البيع فيه لو فرض كونه حال العقد مثل سائر الأموال ثم قبل التسليم صار كذلك.