" لا تبع ما ليس عندك " بتقريب: أنه ليس مرجع النهي إلى اعتبار حضور العين خارجا، وإلا لما جاز بيع الكلي والغائب. ولا إلى اعتبار الملكية، وإلا كان المناسب أن يقال: " لا تبع ما ليس لك " فلا بد أن يكون كناية عن المنع عن بيع ما لا يقدر عليه وليس تحت استيلائه، سواء كان منشأ عدم الاستيلاء كونه ملكا للغير، أو كونه غير قادر على تسليمه، فيشمل ما هو مورده، وهو بيع العين الشخصية المملوكة للغير، ثم شراؤها من مالكها وتسليمها بعد الشراء إلى المشتري كما هو ديدن الدلالين، وبيع العين التي لا يقدر على تسليمها فإن المورد لا يوجب التخصيص.
ولكنك خبير بما في هذا التقريب، لأن عدم كون المورد مخصصا معناه: أن شخص حكيم بن حزام الذي توجه هذا النهي إليه لا خصوصية فيه، بل النهي يشمل كل من هو يبيع مال غيره ثم يشتريه من مالكه يسلمه إلى المشتري. وأما التعدي عنه إلى المقام فهو فرع عموم للكلام، وهو ممنوع.
ثم لا يخفى ما في كلام المصنف في هذا المقام، لأنه على فرض شمول قوله (صلى الله عليه وآله) للمقام بأن يكون ما ليس عندك كناية عن اعتبار أمرين في البيع:
أحدهما الملكية، وثانيهما القدرة على التسليم، فإخراج الفضولي عنه بأدلته لا وجه له، لأن من انتقل عنه الملك واجد للأمرين، وعدم مالكية مجري العقد وعدم كون المال تحت يده لا يضر بتحقق المعاملة، لأنه أجنبي عن المبيع، ولا يتوجه إليه قوله (صلى الله عليه وآله): " لا تبع ".
وبالجملة: اعتبار الملكية وكون المال تحت اليد إنما هو في ناحية المسبب، لا في السبب.
ثم لا وجه لاستدراكه بقوله: نعم يمكن أن يقال: إن غاية ما يدل عليه هذا النبوي، بل النبوي الأول أيضا فساد البيع، بمعنى عدم كونه علة تامة لترتب الأثر