قوله (عليه السلام): " لم يعص الله، وإنما عصى سيده " - إنما يجري في من لم يكن مالكا كالعبد وأما الراهن فهو عاص لله (1) ففيه ما لا يخفى، فإن المراد من عصيان الله هو مخالفته في ما لم يمضه كالنكاح في العدة، لا مخالفته في التعدي في حق الغير، فإن هذا هو معصية الغير فإذا أجاز جاز.
وما أفاده: من أن الحرمة لو لم تكن لأمر خارج عن عنوان المعاملة توجب الفساد (2) ففيه ما تقدم من الأجوبة الخمسة عمن استدل لبطلان الفضولي بحكم العقل والنقل على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه، وهي منع كون مجرد العقد على متعلق حق الغير تصرفا أولا، ومنع حرمة كل تصرف ثانيا، وإمكان فرض رضا المرتهن ثالثا، ومنع اقتضاء كل حرمة فسادا رابعا، وأن الفساد من قبل الفضولي لا يلازم الفساد المطلق خامسا.
هذا، مع أن الحرمة المتصورة في المقام هي تسليم الراهن العين المرهونة إلى المشتري دون مجرد العقد عليها، ولذا اعترف بصحة بيع المرتهن بإجازة الراهن، مع أن كلا منهما ممنوعان من التصرف في العين المرهونة فكيف لا تقتضي حرمة تصرف المرتهن فساد بيعه وتقتضي فساد بيع الراهن؟
ولو أجاب بأن توقع المرتهن إجازة الراهن يخرج تصرفه عن الحرمة ففيه:
أنا نفرض الكلام أيضا في ما إذا باع الراهن متوقعا لإجازة المرتهن.
نعم، هاهنا إشكالان آخران قد يتوهم اختصاصهما بالمقام دون سائر أقسام الفضولي:
أحدهما: أنه بناء على الكشف - كما هو مختار جمع من المحققين (3) - يلزم أن يكون ملك غير الراهن رهنا، لأن الإجازة تكشف عن كون المبيع ملكا للمشتري،