الجهة الثانية: في أن النزاع في الكشف والنقل هل يجري في إجازة المرتهن أم لا؟ قد يتوهم أنه لا موضوع لإجازة المرتهن في المقام حتى يجري فيه نزاع الكشف والنقل، بل يتوقف صحة بيع الراهن إما على إسقاط المرتهن حقه، أو على فك الراهن الرهانة. وأما إجازة المرتهن فلا أثر لها، لأن الإجازة إنما تؤثر في عقد الفضولي من باب أنها توجب استناده إلى المجيز، وبها يصير مخاطبا ب " أوفوا بالعقود " (1)، والمرتهن لا يمكن أن يتوجه إليه خطاب " أوفوا "، فلا أثر لإجازته ولا لرده، لأنه بالنسبة إلى أصل الملك أجنبي، غاية الأمر له حق بالنسبة إلى العين يوجب عدم نفوذ بيع الراهن إلا بزوال هذا الحق إما بإسقاطه، أو بإبرائه من الدين، أو بفك الراهن الرهانة.
ولكنه لا يخفى فساد التوهم، فإن خطاب " أوفوا بالعقود " ليس تكليفيا حتى يقال بأنه لا يتوجه إلى المرتهن، بل هو خطاب وضعي، وكناية عن أن العقد نافذ وممضى، فكل من له إضافة إلى الملك له إنفاذه. ولا شبهة أن المرتهن له حصة من الإضافة ومرتبة منها بالمقدار الذي نقص من الراهن، ولذا يعبر عن ملكه ب " الملك الغير الطلق "، وعدم طلقيته ليس إلا من جهة واجدية المرتهن مرتبة منه، فله ملك إقرار العقد وإزالته، بل تنفذ إجازة كل من هو نظيره كإجازة الغرماء عقد المفلس، وإجازة الورثة وصية الميت فيما زاد عن الثلث، وإجازة العمة والخالة العقد على بنت الأخ والأخت، وغير ذلك، فإذا كانت الإجازة مؤثرة في هذه الموارد فمقتضاه أمران:
أحدهما: أن رد ذي الحق أيضا مؤثر ويوجب إبطال أثر العقد، فإن في جميع هذه الموارد ملك كلا الأمرين من الإقرار والإزالة ثابت لذي الحق، فبعد الرد لا تؤثر الإجازة ثانيا.
نعم، إنما يؤثر الرد في المقام في مورد فعلية حق المرتهن، وهو ما إذا حل