إذا عرفت ذلك فاعلم: أن مقتضى الأصل عدم جواز بيع القسم الأول والثاني، لخروجهما عن الملكية وتلف ماليتهما شرعا. ومقتضى الأصل جواز بيع القسم الخامس إذا لم يمكن الانتفاع به، لأن الواقف وإن أوقف عين الرقبات ولكن حيث إنها مما تزول خصوصيتها الشخصية فكأنه وقفها بمراتبها وتعلق نظره أولا بشخصيتها ثم بماليتها، فإذا لم يمكن الانتفاع بشخصيتها الخاصة فيتعلق بماليتها فللحاكم أو المتولي تبديلها، ويصير بدلها وقفا، كما تقدم نظير ذلك في باب اليد فإن العين المضمونة ما دامت موجودة يجب ردها بشخصها، وإذا تلفت أو حيل بينها وبين مالكها يرد ماليتها.
وأما القسم الثالث والرابع فالأقوى إلحاقهما بالقسم الخامس، لأنهما ليسا من التحرير وإتلاف المالية، بل الثالث تمليك للجهة، والرابع تمليك لأشخاص خاصة، فإذا توقف انتفاع الجهة أو الأشخاص على تبديله فلا مانع منه، فيكون ثمنه وقفا بعد بيعه، وإذا اشترى به شيئا صار وقفا، من دون توقف على إجراء صيغة الوقف.
وعلى هذا فدية العبد الموقوف على الجهة أو على الذرية حكمها حكم العبد في صيرورتها وقفا، بناء على كونها بدلا عن العبد أو عن الجناية الواردة عليه، لا كونها غرامة تعبدية.
وحاصل الكلام: أن ما كان تحريرا وفكا للملكية وإتلافا للمالية فليس مالا حتى يصح بيعه أو إجارته أو صلحه أو هبته.
وما عن كاشف الغطاء: من أنه لا يصح بيعه، لا لعدم تمامية الملك، بل لعدم أصل الملك، ولكنه يصح إجارته للزراعة مع اليأس عن الانتفاع به في الجهة المقصودة مع مراعاة الآداب اللازمة إذا كان مسجدا (1) - إلى آخر ما أفاده - لا نعرف وجهه، وهو أعرف بمدارك فتاواه.
وكل ما لم يخرج عن الملكية، كوقف الدكان على الطلاب، أو وقف الدار على الذرية، أو وقف الحصير على المسجد، أو أجزاء بنيان المسجد، كالجذوع والآجر