وبالجملة: وظيفة الواقف ليس إلا إيقاف العين، وليس حكم الوقف من منشآت الواقف، وليس له إنشاؤه، وليس حكم البدلية إلا تعلق حق البطون اللاحقة في الوقف الخاص، أو تعلق حق الجهة في الوقف العام بالبدل. وتعلق حقهم به لا يقتضي عدم جواز بيعه للمتولي، فله تبديله واشتراء عين أخرى.
ثم إن حكم ما يشترى من منافع مثل الدكان الموقوف على المسجد ونحوه حكم العين التي تشترى من ثمن العين الموقوفة، في أنه يجوز للمتولي تبديله بلا طرو أحد مسوغات بيع الوقف إذا رأى فيه المصلحة، وذلك لعدم قيام دليل على تبعية الحصير الذي يشتريه المتولي من منافع الدكان أو العقار لنفس الدكان والعقار، بل نفس وجود المصلحة في التبديل كاف في جواز البيع.
نعم، لو اشترى الحصير - مثلا - من غير منافع الموقوفة شخص ثالث ووقفه على المسجد فحكمه حكم الأعيان الموقوفة، فيحتاج جواز بيعه إلى مسوغات البيع، والفرق بين القسمين واضح، فإن الحصير الذي وقفه أجنبي على المسجد هو بنفسه أيضا من أقسام الوقف، وهذا بخلاف ما يشتريه المتولي من منافع الأعيان الموقوفة على المسجد والمدرسة، فإنه ليس من الأعيان الموقوفة، فيجوز تبديله مطلقا مع المصلحة.
الثاني: إذا اتجر بثمن العين الموقوفة فهل ربحه - كمنافع العين الموقوفة - للبطن الموجود، أو أنه كالعين في اشتراك البطون فيه؟ وجهان، والأقوى هو الثاني، لأن الثمن كالمبيع، وربحه بمنزلة جزء المبيع، لا بمنزلة منفعته، لأن ربح الثمن بمنزلة ارتفاع القيمة السوقية للمبيع فلا يختص بالبطن الموجود، وليس حكمه حكم منافع العين الموقوفة.
الثالث: هل يجب شراء المماثل للوقف مع الإمكان ولو كان غيره أصلح، أم يجب رعاية الأصلح فيه؟ وجهان، والأقوى هو الثاني، لأن غاية ما يوجه به الأول ما أفاده العلامة (1) ومن تبعه (2): من أن المثل أقرب إلى مقصود الواقف، وفيه