نعم، لو انضم إلى ذلك أمران آخران:
أحدهما: بالنسبة إلى الواقف، وهو خروج العين عن ملكه فرجوعها إليه يتوقف على دليل.
وثانيهما: بالنسبة إلى الموقوف عليه، وهو أن الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها فليس لغيره التبديل، لأن أهله جعله حبسا وموقوفا، فإطلاقه أو تبديله لا بد له من دليل، وعمدة الدليل على عدم نفوذ بيعه هو الأخبار الخاصة المذكورة بعضها في المتن.
وأقوى دلالة منها: هو قوله (عليه السلام): " صدقة لا تباع ولا توهب " (1)، فإن الظاهر أن قوله: " لا تباع " صفة لقوله (عليه السلام): " صدقة " التي هي المفعول المطلق النوعي، فمرجع هذا الكلام إلى أن سنخ هذه الصدقة سنخ من صفتها ومن أحكامها شرعا عدم جواز بيعها ولا هبتها. والغرض من هذا التوصيف الإشارة إلى القسم المعروف من الصدقة، وهو الوقف.
واحتمال كونها صفة لشخص هذه الصدقة أو ما يرجع إلى ذلك بأن يكون شرطا خارجيا من الواقف لا صفة للنوع بعيد غايته، فإنه بلا قرينة، وهذا بخلاف كونه صفة للنوع، فإنه يكفي في كونه كذلك قوله: " صدقة " التي هي المفعول المطلق النوعي.
هذا، مضافا إلى أنه لو كان شرطا لاقتضى تأخره عن ركن العقد، أعني:
الموقوف عليهم، مع أن التعبير عن الشرط بمثل هذا الكلام في غاية البعد.
وبالجملة: ظاهر ما ورد عنهم في بيان الأوقاف: هو أن الوقف ملازم لعدم الانتقال، فإن من مجموع الروايات يظهر: أن مثل قوله (عليه السلام): " لا تباع ولا توهب "، ومثل قوله (عليه السلام): " لا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيعها ولا يبتاعها....
إلى آخر الحديث " (2) في مقام بيان ما يقتضيه الوقف بحسب الحكم الشرعي،