وسيجئ في مسألة تعاقب الأيدي: أن ما يظهر من بعض عبائر القواعد (1):
من أن للضامن الرجوع إلى المضمون عنه قبل أدائه المضمون إلى الدائن، لا وجه له.
وبالجملة: لو لم يرجع ذو الحق إلى المباشر فليس للمباشر الرجوع إلى من ألقاه في الضمان، وهكذا ليس للضامن قبل مطالبة الدائن وأخذ الدين منه الرجوع إلى المديون المضمون عنه.
ثم من هذين الأمرين تبين: أن مسألة حكم الحاكم من القسم الأول لا الثاني، وأن قاعدة الغرور من أحد مصاديق القسم الثاني، فإن السبب للضمان لا ينحصر في جهل المباشر، فإن الضمان بالالتماس، والضمان في تعاقب الأيدي من موارد القسم الثاني.
الثالث: أن الضمان في القسم الثاني لا ينحصر في موارد الضرر على المباشر، بل يضمن الغار ما اغترمه المغرور، سواء انتفع أم لا، لأن المدار في تحقق الضمان لما يضمنه الغير هو التغرير أينما تحقق، سواء استوفى المغرور نفعا، كأكلة الطعام واستيفائه منافع ما اشتراه من الغاصب ونحو ذلك، أو لم يستوف نفعا أصلا.
والسر فيه: عدم إقدام المغرور بضمان ما يستوفيه، وإنما ألقاء الغار في الضمان. فعلى هذا يجب على الغار غرامة ما يغرمه المغرور زائدا على القيمة المسماة حال العقد، فإنه وإن أقدم على أن يكون ضمان العين وتلفها منه إلا أنه أقدم على مقدار ما سماه من القيمة لا زائدا عليها. فلو اشترى ما يسوى عشرين بعشرة أو اشترى ما يسوى عشرة بعشرة ولكنه زادت قيمته وتلف فالزائد على العشرة ليس ضمانه مسببا عن الإقدام، بل عن التغرير، فقرار ضمان الزائد على الغار، مع أن مجرد الإقدام لا يوجب الضمان. وإن قيل: بأن المشتري أقدم على أن يكون ضمان العين عليه. كما استند إليه الشيخ (2) في ضمان ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وقد ذكرنا ما فيه هناك.