بخلافه في تعاقب الأيدي، فإن كل سابق يرجع إلى اللاحق بعد رجوع المالك إليه، والسر فيه هو التغرير في الأول دون الثاني.
بل قيل (1) بفرق آخر بينهما، وهو أن سبب ضمان الغار للمغرور متحقق وإن كان ضمانه فعلا يتوقف على رجوع المالك إلى المغرور، بخلاف تعاقب الأيدي فإن سبب ضمان الثاني للأول أيضا غير موجود، بل الموجود هو ضمانه للمالك بمقتضى اليد.
ولكن الحق: عدم الفرق بينهما من هذه الجهة، لأن الثاني أيضا بالنسبة إلى الأول كالغار بالنسبة إلى المغرور، فإن الثاني يضمن ما ضمنه الأول، والأول حيث إنه ضامن للمالك فعلا والمفروض أن يد الثاني نشأت من يد الأول فسبب ضمان الثاني للأول موجود وإن كان ضمانه الفعلي له يتوقف على أداء الأول بدل مال المالك.
إذا عرفت ذلك ظهر أنه يمكن تعدد الضمناء لمال واحد إذا كان ضمان أحدهم في طول ضمان الآخر رتبة، وإن كان في عرض الآخر زمانا، فإن في تعاقب الأيدي اجتمع ضمان كل واحدة من الأيدي للمالك في زمان واحد، وضمان كل لاحق لسابقه.
أما ضمان اللاحق للسابق طولا فواضح، لأن كيس اللاحق مخرج لما ضمنه السابق، بمعنى أنه لو أدى السابق بدل مال المالك فاللاحق ضامن له لا مطلقا، بل صح أن يقال: إن الضمان الفعلي على اللاحق بالنسبة إلى السابق متأخر زمانا أيضا.
وأما ضمانه للمالك فإنه وإن كان بمقتضى اليد كالسابق ضامن للمالك أيضا - لأنه كما يضمن الغاصب الأول مال المالك وضعا ويجب عليه الأداء تكليفا فكذلك الغاصب الثاني - إلا أنه فرق بينهما، وهو أنه ليس الثاني ضامنا للمال كضمان الأول له، بل ضامن لمال هو في ذمة الأول وعهدته. ونتيجة هذا النحو من