وأما ضمان الأعيان المضمونة فحكمها حكم درك المبيع أو الثمن، فإن من ضمن عن المستعير في العارية المضمونة، أو ضمن في مورد الغصب أو المقبوض بالعقد الفاسد فليس ضامنا مطلقا، بل عند التلف، وفي هذا الحال لا تشتغل إلا ذمة الضامن.
وأما في مورد البقاء فمعنى ضمانها: أن عليه إلزام المضمون عنه بالرد إلى المالك.
وأما الضمان على مذهب الجمهور في الديون فالأقوى فساده، لما ذكر في محله: من أنه ينتقل الدين بمجرد الضمان إلى ذمة الضامن.
وحاصل الكلام: أنه يمتنع ثبوتا ضمان شخصين لمال واحد في زمان واحد على نحو الاستقلال عرضا.
وأما الضمان طولا على أزيد من شخص واحد في زمان واحد فيمكن ثبوتا، ودلت عليه الأدلة إثباتا.
أما ثبوتا فلإمكان أن يكون كل واحد من الضمناء ضامنا لما يضمنه الآخر، فتشتغل ذمة أحدهم بما تشتغل ذمة الآخر به، أي: يخرج من كيس أحدهم ما يؤديه الآخر، وهذا النحو من الضمان يمكن أن يكون سببه العقد، أو الإتلاف، أو اليد، فالعقد كالضمان بالالتماس، فإذا التمس المديون من شخص أن يؤدي دينه ورضي الدائن به فالضامن يصير ضامنا للدين، والملتمس يكون ضامنا لما يؤديه الضامن بمقدار ما يؤديه.
والإتلاف كضمان الغار ما يغترمه المغرور.
واليد كتعاقب الأيدي الغاصبة، فالغاصب الأول ضامن للمالك ما يضمنه الثاني، أي: يجب أن يخرج من كيس الثاني ما يغترمه الأول، فالغاصب الثاني ضامن لما يضمنه الأول.
وأما إثباتا فأدلة هذه الأبواب تكفي لإثبات هذا المعنى.
أما مسألتا الضمان بالالتماس والغرور فقد اتضحتا في محلهما، وقد أشرنا نحن إلى مدركهما.