ولكنك خبير بأن هذا الاستظهار إنما يتم على بعض الوجوه.
وتوضيح ذلك: أنهم اختلفوا في كيفية تعلق الزكاة بالمال الزكوي.
فقيل (1): إنه لا يتعلق حق للفقراء بالعين أصلا، وإنما يتعلق النصاب بذمة المالك.
وقيل (2): إن الفقير شريك مع المالك في العين.
ثم إن القائلين بالشركة اختلفوا بين كونها على الإشاعة، أو على نحو الكلي في المعين. والثمرة بين القولين إنما تظهر في صورة تلف مقدار من المال الزكوي، فعلى الإشاعة التلف يحسب على المالك والفقير كليهما، وعلى الكلي في المعين إنما يحسب على المالك.
وقيل بتعلق حق الفقراء بالعين (3). والقائلون به اختلفوا على وجوه ثلاثة:
فقيل (4) بأنه من قبيل حق الرهانة.
وقيل بأنه من قبيل حق الجناية (5).
وقيل (6) بأنه قسم ثالث، ففي بعض الآثار يشبه حق الرهانة وفي بعضها الآخر يشبه حق الجناية، فمن حيث إنه يجوز للمالك إخراج حصة الفقراء من غير المال الزكوي يشبه حق الرهانة لا الجناية، لأنه ليس لمالك الجاني إبقاء الجاني في ملكه فيما إذا لزم القصاص على جنايته. وأما مالك المرهون فله فك الرهانة بأداء الدين. ومن حيث إن الساعي يتبع المال الزكوي أينما وجده ويأخذ الزكاة ممن انتقل إليه يشبه حق الجناية.