وأما حمل الأخبار على الكراهة - لورود أكثرها في بيع الكلي الذي استقر مذهب الخاصة على جوازه ولو لم يكن البائع مالكا له - فبعيد جدا.
أما أولا فلعدم ظهورها فيه إلا خصوص صحيحة معاوية بن عمار (1) في بيع الحرير. وأما صحيحة ابن مسلم (2) فتنكير المتاع لا يدل على كونه كليا، لوقوعه في كلام السائل، وغرضه السؤال عن كل فرد من أفراد الأمتعة من دون خصوصية قسم خاص، وإلا فيقتضي أن يكون المتاع المبهم من جميع الجهات مفروض سؤال السائل، وهذا لا يقع في الخارج أصلا، لأن الأثمان تقع بإزاء الصور النوعية لا المادة المشتركة، فلا يمكن أن يكون قوله: " سألته عن رجل أتاه رجل فقال له:
ابتع لي متاعا " (3) هو طلب شراء المتاع المبهم القابل لانطباقه على كل شئ. هذا، مضافا إلى ظهور قوله: " لعلي أشتريه منك بنقد أو نسيئة " في المبيع الشخصي.
وأما ثانيا فظهور أكثرها في الكلي لا يوجب حمل جميعها عليه، فما كان ظاهرا في الكلي يحمل على الكراهة بقرينة أن المذهب استقر على صحة بيعه، وما كان ظاهرا في الشخصي فيحكم بفساده على ما هو ظاهر النهي فإنه كاشف عن اعتبار قيد في المعاملة وهو كون البائع مالكا للمبيع.
ثم لا يخفى أنه لو قلنا بصحة هذا البيع فلا تتوقف على الإجازة، لأن الغرض منها إما حصول الرضا من المالك أو الاستناد إليه، وكل منهما حاصلان بصدور البيع عنه لنفسه، فلا يمكن حمل الأخبار على صورة عدم الإجازة، مع أنها مثل صورة الإجازة في الصحة والفساد.
هذا كله مع اعترافه (قدس سره) بأن رواية الحسن بن زياد الطائي تدل على ما اختاره صاحب المقابس، والعجب أنه (قدس سره) حمل النهي على ما يترتب بعد البيع من عدم