فعل القبيح. ويعود الوقار والطمأنينة في المشي وسائر الحركات والأفعال وعدم كشف أطرافه، والتواضع والاكرام لكل من عاشره، والتلطف معه في الكلام، ويعلم طاعة والديه، ومعلمه، ومؤدبه، وكل من هو أكبر سنا منه، من قريب وبعيد، ويعود النظر إليهم بعين التعظيم والجلالة وترك اللعب بين أيديهم. ويمنع من الفخر على أقرانه بشئ مما تملكه نفسه أو والده. ويخوف من أخذ شئ من الصبيان أو الرجال، أو يذكر له أن الرفعة في العطاء، والأخذ لؤم وخسة ومهانة وذلة، فإنه دأب الكلب، إذ هو يتبصبص في انتظار لقمة، ويقبح عنده حب الذهب والفضة، ويحذر منهما أكثر مما يحذر من الحيات والعقارب، إذ آفة حبهما أكثر من آفة السموم وقد هلك لأجله كل من هلك العالم. ويعود ألا يبصق في مجلسه، ولا يتمخط، ولا يتمطط، ولا يتثاءب بحضرة غيره، ولا يستدبر غيره، ولا يضع رجلا على رجل، ولا يضرب كفه تحت ذقنه، لأنه دليل الكسل. ويعلم كيفية الجلوس والحركة والسكون. ويمنع من النوم في النهار، ومن التنعم في المفرش والملبس والمطعم، بل يعود الخشونة فيها حتى تتصلب أعضاؤه، ولا يستخف بدنه، يذكر له أنها خلقت لدفع الضرر والألم لا لأجل اللذة وإن الأطعمة أدوية يتقوى الإنسان بها على عبادة الله، وإن الدنيا كلها لا أصل لها ولا بقاء لها، وإن الموت يقطع نعيمها، وإنها دار ممر لا دار مقر.
وإن الآخرة هي دار القرار ومحل الراحة واللذات، والكيس العاقل من تزود من الدنيا للآخرة. وينبغي أن يمنع من كثرة الكلام، ومن الكذب، واليمين ولو كان صدقا، ومن اللهو واللعب والسخرية وكثرة المزاح، ومن أن يبتدئ بالكلام، ويعود ألا يتكلم إلا جوابا وبقدر السؤال، وأن يحسن الاستماع مهما تكلم غيره ممن هو أكبر سنا منه، وأن يقوم لمن هو أكبر منه، ويوسع له المكان ويجلس بين يديه.
فإذا تأدب الصبي بهذه الآداب في صغره صارت له بعد بلوغه ملكات راسخة، فيكون خيرا صالحا. وإن نشأ على خلاف ذلك، حتى ألف اللعب والفحش، والوقاحة، والخرق، وشره الطعام، واللباس، والتزين والتفاخر بلغ وهو خبيث النفس كثيف الجوهر، وكان وبالا لوالديه، وصدر منه