ما يوجب الفضيحة والعار. فيجب على كل والد ألا يتسامح في تأديب ولده في حالة الصبا، لأنه أمانة الله عنده، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة عن كل نقش وصورة، وقابل للخير والشر، وأبواه يميلان به إلى أحدهما، فإن عود الخير نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل شقى وهلك، وكان الوزر في رقبة أبيه أو من كان فيما ووليا له.
ثم الصبية تؤدب بمثل ما مر، إلا فيما يتفاوت به الصبي والصبية، فيستعمل ما يليق بها، ويجب السعي في جعلها ملازمة للبيت، والحجاب، والوقار، والعفة، والحياء، وسائر الخصال التي ينبغي أن تتصف بها النساء.
ثم ينبغي أن يتفرس من حال الصبي أنه مستعد لأي علم وصناعة، فيجعل مشغولا باكتسابه ويمنع من اكتساب غيره، لئلا يضيع عمره ولا تترتب عليه فائدة، إذ كل أحد ليس مستعدا لكل صناعة، وإلا لاشتغل الجميع بأشرف الصناعات، واختلاف الناس وتفاوتهم في هذا الاستعداد لتوقف قوام النوع وانتظام العالم عليه.
وأما الغيرة على (المال)، فلا تظن أنها ليست ممدوحة لسرعة فناء المال وعدم اعتناء الأخيار، إذ كل إنسان ما دام في دار الدنيا محتاج إليه، وتحصيل الآخرة أيضا يتوقف عليه. إذ كسب العلم والعمل موقوف على بقاء البدن وهو موقوف على بدل مما يتحلل عنه من الأغذية والأقوات. فلا بد لكل عاقل أن يعتني بالمال ويجتهد في حفظه وضبطه، بعد تحصيله من المداخل الطيبة والمكاسب المحمودة، ومقتضى السعي في حفظه المعبر عنه بالغيرة عليه ألا يصرفه في مصرف لا تترتب عليه فائدة لآخرته أو دنياه، كإنفاقه للرياء والمفاخرة والتضيف، أو بذله على غير المستحقين بلا داع ديني أو دنيوي أو عادي، أو تمكينه الظلمة والسارقين وأهل الخيانة من أخذه علانية أو سرا، أو عدم مبالاته بتضييعه من غير أن يصل نفعه إلى أحد، أو إسرافه في بذله، أو غير ذلك من المصارف التي ليست راجحة بحسب العقل والشرع ولا يعود إليه عوض في الآخرة والدنيا. بل مقتضى الغيرة عليه أن يصرف ج: 1