وأن يتعنت بهن ". وفي الخبر المشهور: " إن المرأة كالضلع، إن أردت أن تقيمه كسرته، فدعه تستمتع به على عوج ". وقال (ص): " من الغيرة غيرة يبغضها الله ورسوله، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة ".
وقال أمير المؤمنين (ع): " لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك ". وقال عليه السلام في رسالته إلى الحسن (ع): " إياك والتغاير في غير موضع الغيرة، فإن ذلك يدعوهن إلى السقم، ولكن أحكم أمرهن فإن رأيت عيبا فعجل النكير على الصغير والكبير، بأن تعاقب منهن البريئة فتعظم الذنب وتهون العيب ". وبالجملة: لا ينبغي المبالغة في الفحص والتفتيش، إذ لا ينفك ذلك عن سوء الظن الذي نهينا عنه، فإن بعض الظن إثم.
وأما مقتضى الغيرة على (الأولاد): إن تراقبهم من أول أمرهم، فاستعمل في حضانة كل مولود له وإرضاعه امرأة صالحة تأكل الحلال، إذ الصبي الذي تتكون أعضاؤه من اللبن الحاصل من غذاء حرام يميل طبعه إلى الخبائث، لأن طينته انعجنت من الخبث.
وإذا بدأت فيه مخائل التمييز فينبغي أن يؤدب بآداب الأخيار. ولما كان أول ما يغلب عليه من الصفات شره الطعام، فينبغي أن يؤدب فيه بأن يؤمر بألا يأخذ إلا بيمينه، ويقول (باسم الله) عند أكله، ويأكل مما يليه، ولا يبادر إلى الطعام قبل غيره، ولا يحدق إلى الطعام ولا إلى من يأكل، ولا يسرع في الأكل، ويمضغ الطعام مضغا جيدا، ولا يلطخ ثوبه ولا يده. ويقبح عنده كثرة الأكل بأن يذم كثير الأكل ويشبه بالبهائم، ويمدح الصبي الذي يقنع بالقليل، ويحبب إليه الإيثار بالطعام وقلة المبالاة به، والقناعة بأي طعام اتفق. ثم يؤدب في أمر اللباس، حتى لا يخرج فيه عن زي الأبرار وأهل الورع، فيحبب إليه ثياب القطن والبيض، دون الإبريسم الملون، ويقرر عنده بأن ذلك شأن النساء والمخنثين، والرجال يستنكفون منه، ويحفظ من الصبيان الذين تعودوا التنعم والترفه والزينة. ثم يؤدب في الأخلاق والأفعال ويبالغ في ذلك، لأن الصبي إذا أهمل في أول نشوه خرج في الأكثر ردي الأخلاق والأفعال، فيكون كذابا، حسودا، لجوجا، عنودا سارقا، خائفا، ذا ضحك وفضول، وربما صار مخنثا مائلا إلى الفسوق